Q هناك شبهة من قبل بعض الشيعة، وهي أنهم يقولون: تلوموننا على سب الصحابة وتسكتون على من قتلهم! فكيف ذلك؟
صلى الله عليه وسلم هذا كلام جاهل، ولا ينبغي أن ينطلي أيضاً على مسلم، ثم نحن لا نؤيد قتل الصحابة، إذ إنه ليس من منهج أهل السنة والجماعة أنهم يسكتون عن قتل الصحابة، بل ولا يعتقد ذلك مسلم أبداً، وهذه الشبهة إنما تأتي من فراغ أو من كذب عند الفرق، وقد تنطلي على كثير من شبابنا اليوم، وهي في الحقيقة كذب وافتراء، وأهل السنة والجماعة يلومون من سب الصحابة ويدينون الله بذلك، وهذا بمقتضى نصوص الكتاب والسنة ومناهج الدين القطعية التي لا يستقيم الدين إلا بها، أي: أن من سب الصحابة فنلومه ونؤدبه إذا ملكنا وقدرنا على ذلك.
لكن لا يعني ذلك أننا نسكت على من قتلهم، بل نلوم من فعل ذلك، فمثلاً: الذين قتلوا عثمان لا يزالون محل سبة عند الأمة، والذين قتلوا علياً لا يزالون محل سبة عند الأمة، وكذلك كل من قتل صحابياً فهو محل سبة عند الأمة، حتى الذين قتلوا الحسين رضي الله عنه، وهذا هو الذي يبدو لي أن أصحاب هذه النزعة يقصدون قتل الحسين رضي الله عنه، إذ إننا لا نسكت عمن قتل الحسين، ونرى أن قتله ظلم، لكن لا نجلس نصرخ وننعق ونضيع ديننا ودنيانا من أجل قتل الحسين رضي الله عنه، فهو رضي الله عنه قد خرج متأولاً مخطئاً، وقد نصحه الصحابة ولم ينتصح، وأراد الله عز وجل له الشهادة واستعجله عن الفتنة، ثم لا ندري ماذا كان يقصد الحسين من خروجه؟ وليس أهل السنة الذين تواطئوا على قتل الحسين، وإنما هم أناس حمقى ينتسبون للسنة، وبعضهم من الزنادقة، وبعضهم الله أعلم بحالهم، إذاً نحن لا نؤيد قتله، ويعتبر قتله خطأ، ولم نعتذر لهم ولم نسكت عنهم.
ولو كان الحسين حياً لأدب هؤلاء الذين يولولون ويصرخون، وأيضاً لو أردنا أن نقتص للحسين لاقتصصنا من شيعته؛ لأنهم هم الذين خذلوه على مبدأ علي بن أبي طالب، إذ يقول: لو تمالأ أهل اليمن كلهم على قتل فلان لقتلتهم.
وهؤلاء هم الذين استنهضوه واستدرجوه واستعطفوه وكذبوا عليه وأرسلوا له الكتب والرسل، وأعطوه العهود والمواثيق لينصرنه إذا جاء، فلما أقبل خذلوه وقالوا: لا طاقة لنا ببني أمية، وتركوه لغوغائية التفوا حوله في الصحراء وقتلوه، وربما الذين قتلوه هم الذين قتلوا أباه، والله أعلم بذلك.
إذاً: نحن أولى بـ الحسين من هؤلاء، ونحن الذين نأسف عليه أسفاً حقيقياً، ونحن الذين نرى أن الذين قتلوه أصحاب فتنة، ونحن الذين نعتقد أن ما حصل له إنما هو ابتلاء، وأنه تأول وأخطأ، ويغفر الله لنا وله، ونعرف أن الصحابة نصحوه وعلى رأسهم أقاربه، ومنهم: صاحبه عبد الله بن عباس رضي الله عنه، فقد حاول أن يثنيه حتى اغبرت قدماه في الصحراء وهو يقول: يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تذهب، فإن القوم قوم غدر، غدروا بأبيك.
ومع ذلك أبى إلا أن يأخذ برأيه، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وعلى أي حال أنا أحب أن أؤكد أن أكثر الشبهات التي يثيرها القوم قديماً وحديثاً، والآن أنشئوها من جديد وأربكوا بها شبابنا إنما هي من الأمور التي لا أصل لها، فهي من كذبهم ومفترياتهم، والإنسان الخالي الذهن من شباب أهل السنة والجماعة يظن أنهم على حق، وربما يستعطفونه، فيجرم السلف وهو لا يدري، ويتعاطف مع القوم وهو لا يدري، فيجب أن نتنبه حتى لا نستغفل بمثل هذه المقولات.
ثم إن من وسائل أهل البدع والافتراق، بل من وسائل الكفار ضد المسلمين الإنترنت، فينبغي مناصحة الشباب بأن لا يتوغلوا في الإنترنت، وألا يستخدموه إلا للأغراض السليمة والمصادر النقية، لكن مع ذلك الآن أصبح وسيلة تستهوي شبابنا، فينبغي أن نتنبه لذلك، وهذا هو واجب المربين، وأولهم المعلمون ثم طلاب العلم والمشايخ، فينبغي أن يكفوا أو يصرفوا الشباب عن الانجرار خلف الإنترنت والفضائيات؛ لأن شرها أكثر من خيرها، وأن تضبط استعمالات هذه الوسائل، فهي وسيلة قد تكون مفيدة في تتبع الدروس والعلم والفوائد المفيدة التي تصدر عن علماء الأمة وعن غيرهم، وقد تكون غير ذلك.
وكذلك الفضائيات، فقد أصبحت الآن مصدر شر إلا القليل منها، ولعله من الخير أن الله عز وجل عوض الأمة بظهور بعض الفضائيات الجيدة، مثل: المجد، ونرجو أن تتبعها فضائيات أخرى، إذ إنها في هذه الظروف تعتبر غيثاً ورحمة للأمة، لاسيما مع عموم البلوى في هذه الوسائل.
ثم مثل هذه الوسيلة أصبحت حجة على من يدعي أنه يحتاج إلى الفضائيات، وأنه لابد أن يدخله إلى بيته، فنقول: إذا كنت ولابد، وقصدك الأخبار ومتابعة الأحداث والأمور المهمة، فهذه القناة نقية، ونسأل الله أن يثبتنا والقائمين عليها على الحق.