قال رحمه الله تعالى: [الثالث: أن هؤلاء ينفون صفات الكمال بمثل هذه الطريقة، واتصافه بصفات الكمال واجب، ثابت بالعقل والسمع، فيكون ذلك دليلاً على فساد هذه الطريقة].
يعني: أن نفي صفات الكمال هذه أيضاً متفاوتة بينهم، فالجهمية ينفون كل صفات الكمال بدعوى أنها تقتضي التجسيم، والمعتزلة ينفون الصفات بدعوى أنها تقتضي التجسيم، فالذي عنده نفي جزئي، أو نفي كلي كلهم قاعدتهم واحدة وتهدم أصولهم وعقائدهم؛ لأنهم ينفون صفات الكمال بدعوى أنها تجسيم، وكل واحد منهم يقول للآخر: أنت جسمت فيما أثبت، حتى لا يبقى إثبات؛ لأن كلمة (التجسيم) كلمة وهمية.
إذاً: كيف يقولون: إن إثبات صفات الكمال في حق الله تجسيم؟! الله عز وجل ليس كمثله شيء، لكن توهمهم بمختلف طبقاتهم أن الإثبات تجسيم، سواء من ينفي نفياً جزئياً، أو ينفي نفياً كلياً، مع أن التجسيم ما هو إلا وهم وخيال في رءوسهم لا حقيقة له، ومن هنا وقعوا في هذه المعضلات.