Q ما معنى العبارة التالية التي أوردها المصنف في معرض رده على الذين ينفون الصفات: ولكثرة الاشتباه في هذا المقام -يعني: مقام الغلط والتناقض في استعمال الاصطلاحات والعبارات والقواعد- وقعت الشبهة في أن وجود الرب عز وجل هل هو عين ماهيته، أو زائد على ماهيته؟ وهل لفظ (الوجود) مقول بالاشتراك اللفظي، أو المتواطئ، أو التشكيك؟
صلى الله عليه وسلم الاشتراك اللفظي: هو العبارات التي يتحد لفظها وتتعدد معانيها، فاللفظ واحد، لكن يُطلق أحياناً على معان مختلفة ومتفاوتة، مثل: العين، فقد تُطلق على ذات الإنسان، أو على ذات الحيوان، فيُقال: هذا الإنسان بعينه، وهذا الحيوان بعينه، وقد تُطلق على العين الباصرة، وقد تُطلق على العين الجارية، أو الماء الجاري، وهذا يسمى: اشتراك لفظي، فاللفظ واحد والمعاني متعددة، وعليه فهذا أقرب للاشتراك اللفظي منه إلى الاشتراك الحقيقي.
والاشتراك اللفظي في مثل هذه الألفاظ لا يعني التماثل، فإذا وجد الاشتراك اللفظي بين بعض أسماء الله وأسماء الخلق، أو بين بعض صفات الله وصفات الخلق، فلا يعني وجود التشابه ولا التماثل، فلماذا ينفون أسماء الله بمجرد وجود الاشتراك اللفظي؟ هذا هو قصد الشيخ.
أما التواطؤ فهو أقرب أو أخص، وهو: أن تتفق اللفظة مع كثير من معانيها، أو يجمع اللفظة جنس واحد متقاربة، كالإنسان، فقد يُطلق على جنس، لكن هذا الإنسان قد يكون ذكراً وقد يكون أنثى، وقد يكون صغيراً وقد يكون كبيراً، وقد يكون عاقلاً وقد يكون مجنوناً، لكن ومع ذلك فاللفظة متقاربة معانيها، وليس هناك بعد، مثل: العين، أو الأسد إذا أُطلق على إنسان سماه أبوه وأمه أسد، وبين (أسد) الحيوان المعروف، أو إطلاق الذهب، فقد يُطلق الذهب على المعدن، وقد يُطلق على الشيء العزيز الثمين، وقد يقال: ما شاء الله فلان كلامه من ذهب، فهل معناه أنه يتلفظ ذهباً يوزن؟ لا، ولذا فالتواطؤ هو أن يوجد شيء من التقارب في المعاني مع اتحاد اللفظ، كالإنسان، أو الحيوان، والحيوان هو كل حي سمي حيواناً، لكن لا يُسمى الجدار حيواناً، فهو جنس وإن اختلفت بعض معانيه، فالإنسان -مثلاً- جنس واحد وإن اختلفت بعض معانيه.
إذاً: الاشتراك اللفظي هو وجود لفظ متطابق في الحروف، لكن تختلف معانيه اختلافاً كبيراً، أما التواطؤ فهو أن يوجد لفظ يطلق على جنس، وهذا الجنس تتنوع مفرداته تنوعاً غير بعيد عن الأصل.
وأما التشكيك فهو الذي يجمع بين هذا وذاك، يعني: كونه لفظاً مشككاً فيه.