ننتقل إلى القاعدة السادسة، وقبل أن نبدأ فيها سنلاحظ أن الشيخ قد أطال في تقريرها حتى ما وجدنا تحديداً لهذه القاعدة إلا عندما نستنبط من هذا الكلام كله.
والقاعدة السادسة: هي أنه لابد من وضع ضابط يعرف به ما يجوز على الله سبحانه مما لا يجوز في النفي والإثبات، فلا ننفي مطلقاً ولا نثبت مطلقاً، فالإثبات لابد من تقييده من غير تشبيه وتمثيل، والنفي أيضاً لابد من تقييده من غير تعطيل، فهذه القاعدة هي التي سبق الكلام عنها، لكن أراد أن يفرع عليها مسائل من أجل إلزام الخصوم، وهذه القاعدة هي إثبات ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تمثيل، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، وما نفاه عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل، بمعنى: أن نثبت، لكن بإثبات مقيد بعدم التشبيه، فالله عز وجل ليس كمثله شيء، ولابد أن ننفي النقص عن الله عز وجل، لكن لا يعني ذلك أن ننفي الحقائق، وأن ننفي ما هو ثابت لله عز وجل.
إذاً: الضابط هنا: أن نعرف ماذا نثبت؟ وكيف نثبت؟ ونعرف ماذا ننفي؟ وكيف ننفي؟ وهذا الضابط الذي قصده الشيخ هو تفصيل وتفريع على القاعدة الأولى، أعني: إثبات ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، ويتلخص في إثبات كل كمال لله عز وجل، ونفي كل نقص عن الله عز وجل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: [القاعدة السادسة: أنه لقائل أن يقول: لابد في هذا الباب من ضابط يعرف به ما يجوز على الله مما لا يجوز في النفي والإثبات، إذ الاعتماد في هذا الباب على مجرد نفي التشبيه أو مطلق الإثبات من غير تشبيه ليس بسديد، وذلك أنه ما من شيئين إلا بينهما قدر مشترك وقدر مميز].