قال رحمه الله تعالى: [فمن قال: لا هو مباين للعالم ولا مداخل للعالم فهو بمنزلة من قال: لا هو قائم بنفسه ولا بغيره، ولا قديم ولا محدث، ولا متقدم على العالم ولا مقارن له.
ومن قال: إنه ليس بحي ولا ميت ولا سميع ولا بصير ولا متكلم؛ لزمه أن يكون ميتاً أصم أعمى أبكم.
فإن قال: العمى عدم البصر عما من شأنه أن يقبل البصر، ومن لم يقبل البصر كالحائط لا يقال: له أعمى ولا بصير.
قيل له: هذا اصطلاح اصطلحتموه، وإلا فما يوصف بعدم الحياة والسمع والبصر والكلام يمكن وصفه بالموت والعمى والخرس والعجمة.
وأيضاً فكل موجود يقبل الاتصاف بهذه الأمور ونقائضها، فإن الله قادر على جعل الجماد حياً، كما جعل عصا موسى حية ابتلعت الحبال والعصي.
وأيضاً: فالذي لا يقبل الاتصاف بهذه الصفات أعظم نقصاً ممن لا يقبل الاتصاف بها مع اتصافه بنقائضها، فالجماد الذي لا يوصف بالبصر ولا العمى ولا الكلام ولا الخرس أعظم نقصاً من الحي الأعمى الأخرس].
نكتفي بهذا، ولا مانع من أن أقول وأؤكد مرة أخرى: لماذا نترك بقية هذا الكلام؟ لأني أشعر أنه يوقعنا في سوء الأدب مع الله عز وجل، ويوقعنا في قسوة القلوب، ويوقعنا في حرج نحن في عافية منه، ثم لماذا نناقش أناساً لا عقول لهم؟ يعني: أناساً يقولون في الرب عز وجل هذا القول، فيكفينا أن نرد عليهم بإجمال، ونحمد الله على العافية.
ولذلك فإن كثيراً من هذه المقاطع التي تشبه هذا المقطع في التدمرية وفي غيرها نتجاوزها، وإذا كان في المنهج الذي كنا عليه في الدروس السابقة إذا بدأ الكلام في محارات، ورد على الرد، وقيل وقالوا، فإنما قصد به شيخ الإسلام أولئك القوم المرضى الموسوسين نسأل الله العافية، أما الأصحاء فلا ينبغي أن يوقعوا أنفسهم في هذه الشبهات.