وفي رواية: "بعث به مع دحية" أي بعثه -عليه الصلاة والسلام- معه، وكان في آخر سنة ست، بعد أن رجع من الحديبية "إلى عظيم بصرى"، بضم الباء الموحدة مقصوراً مدينة في الشام من أعمال حوران، أي أميرها الحارث بن أبي شمر الغساني، "فدفعه إلى هرقل فقرأه" هرقل بنفسه أو الترجمان بأمره، وفي المرسل محمد بن كعب القرظي عند الواقدي، فدعا الترجمان الذي يقرأ بالعربية "فقرأه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم"، وفي ذلك استحباب تصدير الكتب بالبسملة، وإن كان المبعوث إليه كافراً في جميع مكاتباته -عليه الصلاة والسلام- يفتتح الكتاب بالبسملة دون الحمدلة، وهذا يدل على أن الرسائل تختلف عن الخطب، وافتتح سليمان -عليه السلام- كتابه إلى بلقيس ببسم الله الرحمن الرحيم كما جاء النص عليه في القرآن الكريم.
"من محمد عبد الله ورسوله" وصف نفسه الشريفة بالعبودية تعريضاً لبطلان قول النصارى في المسيح أنه ابن الله، لأن الرسل مستوون في أنهم عباد الله، وفيه أيضاً الرد على الغلاة الذين غلوا فيه -عليه الصلاة والسلام- ممن ينتسب إلى الإسلام كمن يقول:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العممِ
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به؟ أين الله -سبحانه وتعالى-؟ إلى أن قال:
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلمِ