وقدْ صنَّفَ في الألقابِ جماعةٌ منَ الحفَّاظِ: أبو بكرٍ الشيرازيُّ، وأبو الفضلِ الفَلَكِيُّ، وأبو الوليدِ بنُ الدباغِ، وأبو الفرجِ بنُ الجوزيِّ، ومثالُ ذلكَ: الضَّعِيْفُ والضَّالُّ، وإليهِ أشرتُ بقولي: (ومَنْ ضلَّ الطريقَ باسمِ فاعلٍ) أي: مَنْ ضلَّ، فحَذْفُ الجارِّ والمجرورِ؛ لدلالةِ الكلامِ عليهِ، قالَ عبدُ الغنيِّ بنُ سعيدٍ: رجلانِ جليلانِ لَزِمَهُمَا لَقَبَانِ قَبِيْحَانِ: معاويةُ بنُ عبدِ الكريمِ الضَّالُّ، وإنما ضَلَّ في طريقِ مكةَ،

وعبدُ اللهِ بنُ محمدٍ الضَّعيفُ، وإنما كانَ ضعيفاً في جسمهِ لا في حديثهِ. انتهى. وقيلَ: إنَّهُ مِنْ بابِ الأضدادِ، كما قيلَ في الزنجيِّ مسلمِ بنِ خالدٍ، قالَهُ ابنُ حِبَّانَ، وإنهُ قيلَ لهُ: الضعيفُ؛ لإتقانِهِ وضبطِهِ.

ثمَّ الأَلقابُ تنقسمُ: إلى ما لا يكرههُ الملقَّبُ بهِ، كأبي ترابٍ - لقبُ عليٍّ - رضي الله عنه - فقدْ قالَ سهلُ بنُ سعدٍ في الحديثِ المتفقِ عليهِ ما كانَ لهُ اسمٌ أحبَّ إليهِ منهُ، وكبُنْدارٍ - لقبُ محمدِ بنِ بشارٍ - فهذا لا إشكالَ في جوازِ تعريفِهِ بهِ.

وإلى ما يكرهُهُ الملقَّبُ بهِ، فلا يجوزُ تعريفُهُ بهِ، وقدْ تقدَّمَ الكلامُ على ذلكَ في أواخرِ آدابِ المُحَدِّثِ.

ثمَّ الألقابُ قدْ لا يعرفُ سببُ التلقيبِ بها؛ وذلكَ موجودٌ في كثيرٍ منها، وقدْ يُذكَرُ السببُ في ذلكَ، ولِعَبدِ الغنيِّ بنِ سعيدٍ في ذلكَ كتابٌ مفيدٌ؛ وذلكَ كغُندَرٍ وجزرةَ، فأما غُنْدَرٌ - فهوَ لقبُ محمدِ بنِ جعفرٍ البصريِّ - وكانَ سببُ تلقيبهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015