والذينَ صنَّفُوا في ذلكَ بوَّبوا الأبوابَ على الكنى، وبيَّنوا أسماءَ أصحابها، إلاَّ أنَّ النسائيَّ رتَّبَ حروفَ كتابِهِ على ترتيبٍ غريبٍ ليسَ على ترتيب حروفِ المعجمِ المشهورةِ عندَ المشارقةِ، ولا على اصطلاحِ المغاربةِ، ولا على ترتيبِ حروفِ أبجدَ، ولا على ترتيبِ حروفِ كثيرٍ من أهلِ اللغةِ، ك" العينِ " و" المحكمِ "، وهذا ترتيبها: أل ب ت ث ي ن س ش ر ز د ذ ك ط ظ ص ض ف ق وه م ع غ ج ح خ، وقدْ نظمْتُ ترتيبها في بيتينِ في أولِ كلِّ كلمةٍ منها حرفٌ وهيَ:
إذَا لَمَّ بِي تَرحٌ ثَوى يومَ نأيهم ... سَرَتْ شَمْألٌ رقَّتْ زَوَتْ دَاءَ ذي كَمَدْ
طَوَتْ ظِئْرَ صَدْرٍ ضاقَ في قَيدِ وَجْدِهِ ... هَدَتْ مَنْ عَمَى غَيٍّ جَوَى حَرَّها خَمَدْ
وقدْ قسمَ ابنُ الصَّلاَحِ معرفةَ الأسماءِ والكنى إلى عشرةِ أقسامٍ من وجهٍ وإلى تسعةِ أقسامٍ منْ وجهٍ آخرَ. فقولي: (لتسعٍ او عشرٍ) ليس ذلكَ للشكِّ في كلامِ ابنِ الصَّلاَحِ؛ ولكنَّهُ فرَّقَ ذلكَ في نوعينِ، وجمعتُهما في نوعٍ واحدٍ فذكرَ في النوعِ الأولِ، وهو: النوعُ المُوَفِّي خمسينَ من كتابِهِ. وهوَ "بيانُ أسماءِ ذوي الكنى" تسعةُ أقسامٍ. ثمَّ قالَ -في النوعِ الذي يليهِ-: وهوَ "معرفةُ كنى المعروفينَ بالأسماءِ"- وهذا من وجهٍ ضدَّ النوعِ الذي قبلهُ - ومِنْ شأنِهِ أن يبوبَ على الأسماءِ ثمَّ يبينَ كناها بخلافِ ذلكَ، ومِنْ وجهٍ آخر يصلحُ لأنْ يجعلَ قسماً من أقسامِ ذلكَ من حيثُ كونُهُ قسماً من أقسامِ أصحابِ الكُنى وقَلَّ مَنْ أفردَهُ بالتصنيفِ، قالَ: وبلغنا أنَّ لأبي حاتمِ بنِ حِبَّانَ البستيِّ فيهِ كتاباً.