فإنّهُ أحدُ الكذَّابينَ قالَ ابنُ حِبَّانَ: ((كانَ يضعُ الحديثَ، بلْ زادَ وادَّعى أنَّهُ سَمِعَ منْ حُميدٍ الطويلِ، وروى عنهُ نسخةً موضوعةً)) . فلا ينبغي حينَئذٍ أنْ يُمَثَّلَ بهِ والصوابُ: أنَّ آخرَ أصحابِ مالكٍ أحمدُ بنُ إسماعيلَ السهميُّ، كما قالهُ المزيُّ، وكانتْ وفاةُ السهميِّ سنةَ تسعٍ وخمسينَ ومائتينِ؛ فيكونُ بينهُ وبينَ وفاةِ الزهريِّ مائةٌ وخمسٌ وثلاثونَ سنةً، والسهميُّ وإنْ كانَ ضعيفاً أيضاً فإنَّ أبا مصعبٍ شَهِدَ لهُ أنَّهُ كانَ يحضرُ معهم العَرْضَ على مالكٍ.
وقولي: (أخِّر) أي: ابْنَ دُوَيْدٍ، وقولي: (كالجُعْفِيِّ والخَفَّافِ) أيْ: كما تقدمتْ وفاةُ محمدِ بنِ إسماعيلَ الجعفيِّ البخاريِّ على وفاةِ أبي الحسينِ أحمدَ بنِ محمدٍ الخفافِ النيسابوريِّ، بهذا المقدارِ، وهوَ مائةٌ وسبعٌ وثلاثونَ سنةً. وقدِ اشتركا في الروايةِ عنْ أبي العباسِ محمدِ بنِ إسحاقَ السَّرَّاجِ، فروى عنهُ البخاريُّ في "تاريخهِ" وآخرُ مَنْ روى عنِ السَّرَّاجِ الخفَّافُ، وتوفيَ البخاريُّ سنةَ سِتٍّ وخمسينَ ومائتينِ، وتوفيَ الخفافُ سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وثلاثمائةٍ، ومن أمثلةِ ذلكَ في زمانِنَا: أنَّ الفخرَ بنَ البخاريِّ سمعَ منهُ الزكيُّ عبدُ العظيمِ المنذريُّ، وروى عنهُ جماعةٌ موجودونَ بدمشقَ في هذهِ السنةِ، وهي سنةُ إحدى وسبعينَ وسبعمائةٍ، منهم: عمرُ بنُ الحسنِ بنِ مَزيدٍ المزيُّ، ونجمُ الدينِ ابنُ النجمِ، وصلاحُ الدينِ إمامُ مدرسةِ الشيخِ أبي عمرَ، وقدْ توفيَ الزكيُّ عبدُ العظيمِ سنةَ سِتٍّ وخمسينَ وستمائةٍ.