القرينانِ: مَنِ استويا في الإسنادِ والسِّنِّ غالباً، والمرادُ بالاستواءِ في ذلكَ على المقاربةِ، كما قالَ الحاكمُ: ((إنما القرينانِ إذا تقاربَ سنُّهما وإسنادهما)) . وقولي: (غالباً) متعلقٌ بالسنِّ فقطْ، إشارةٌ إلى أنَّهم قدْ يكتفونَ بالإسنادِ دونَ السنِّ، قالَ ابنُ الصلاحِ: ((وربما اكتفى الحاكمُ بالتقاربِ في الإسنادِ، وإنْ لمْ يوجدِ التقاربُ في السنِّ)) .
ثمَّ إنَّ روايةَ الأقرانِ تنقسمُ إلى قسمينِ:
أحدُهما: ما يسمونهُ المُدَبَّجُ - بضمِّ الميمِ وفتح الدالِ المهملةِ وتشديدِ الباءِ الموحدةِ وآخرَهُ جيمٌ - وذلكَ: أنْ يرويَ كلُّ واحدٍ منَ القرينينِ عن الآخرِ، وبذلكَ سمَّاهُ الدارقطنيُ وجمعَ فيهِ كتاباً حافلاً في مجلدٍ.
ومثالُهُ في الصحابةِ: روايةُ أبي هريرةَ عنْ عائشةَ، وروايةُ عائشةَ عنهُ، وفي التابعينَ: روايةُ الزهريِّ عن أبي الزبيرِ، وروايةُ أبي الزبيرِ عنهُ، وفي أتباعِ التابعينَ: روايةُ مالكٍ عَنِ الأوزاعيِّ، وروايةُ الأوزاعيِّ عنهُ، وفي أتباعِ الأتباعِ: روايةُ أحمدَ عنْ عليِّ بنِ المدينيِّ، وروايةُ ابنِ المدينيِّ عنهُ. وتمثيلُ الحاكمِ هذا بأحمدَ وعبدِ الرزاقِ ليسَ بجيدٍ.
والقسمُ الثاني من روايةِ الأقرانِ: ما ليسَ بمدبجٍ، وهو أنْ يرويَ أحدُ القرينينِ عنِ الآخرِ، ولا يروي الآخرُ عنهُ فيما يعلمُ، ومثالهُ روايةُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عنْ مِسْعَرٍ، قالَ الحاكمُ: ولا أحفظُ لِمِسْعرٍ عن سليمانَ روايةً. وقدْ يجتمعُ جماعةٌ منَ الأقرانِ في