ومنها: أنْ يكونَ الراوي أكبرَ قدراً منَ المرويِّ عنهُ لعلمهِ وحفظهِ، كروايةِ مالكٍ، وابنِ أبي ذِئْبٍ عن عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ، وأشباهِهِ، وروايةِ أحمدَ، وإسحاقَ عن عُبيدِ اللهِ بنِ موسى العبسيِّ.
ومنها: أنْ يكونَ الراوي أكبرَ منَ الوجهينِ معاً، كروايةِ عبدِ الغنيِّ بنِ سعيدٍ، عن محمدِ بنِ عليٍّ الصُّوَرِيِّ، وكروايةِ أبي بكرٍ الخطيبِ، عنْ أبي نصرِ ابنِ ماكولا، ونحوِ ذلكَ.
وقولي: (ومنهُ أخذُ الصَّحْبِ) أيْ: ومنْ هذا النوعِ، وهوَ روايةُ الأكابرِ عنِ الأصاغرِ، روايةُ الصحابةِ عنِ التابعينَ، كروايةِ العبادلةِ الأربعةِ، وأبي هريرةَ، ومعاويةَ بنَ أبي سفيانَ وأنسِ بنِ مالكٍ، عنْ كعبِ الأحبارِ، وكروايةِ التابعينَ عن أتباعِ التابعينَ، كما تقدَّمَ من روايةِ الزهريِّ، ويحيى بنِ سعيدٍ عنْ مالكٍ، ومثَّلَ ابنُ الصلاحِ أيضاً بعَمْرِو ابنِ شُعَيْبٍ، فقالَ: ((لمْ يكنْ منَ التابعينَ، وروى عنهُ أكثرُ من عشرينَ نفساً منَ التابعينَ)) . هكذا قالَ: إنَّهُ ليسَ منَ التابعينَ، وتبعَ في ذلكَ أبا بكرٍ النقاشَ، فإنَّهُ
قالَ: لَمْ يكنْ منَ التابعينَ، وقدْ روى عنهُ عشرونَ رجلاً منَ التابعينَ، وحكاهُ عبدُ الغنيِّ ابنُ سعيدٍ، وأقرَّهُ على كونهِ ليسَ منَ التابعينَ، ثمَّ قالَ: جمعتُهم ووجدتُ زيادةً على العشرينَ، ثمَّ عدَّهم فبلغَ بهم تسعةً وثلاثينَ رجلاً.
قلتُ: وعمرُو بنُ شعيبٍ - وإنْ عدَّهُ غيرُ واحدٍ في أتباعِ التابعينَ - فهوَ منَ التابعينَ، فقدْ سَمِعَ مِنْ زينبَ بنتِ أبي سلمةَ، والرُّبَيِّعِ بنتِ مُعَوِّذِ بنِ عَفْراءَ ولهما صحبةٌ، وقدْ حكى المِزِّيُّ كلامَ عبدِ الغنيِّ، فجعلهُ عنِ الدارقطنيِّ، قالَ: وكانَ الدارقطنيُّ قدْ