وقالَ الإمامُ أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ خَفِيْفٍ الشيرازيُّ: اختَلَفَ الناسُ في أفضلِ التابعينَ، فأهلُ المدينةِ يقولونَ: سعيدُ بنُ المسيِّبِ، وأهلُ البصرةِ يقولونَ: الحسنُ البصريُّ، وأهلُ الكوفةِ يقولونَ: أويسٌ القرنيُّ. واستحسنهُ ابنُ الصلاحِ.
قلتُ: الصحيحُ، بلِ الصوابُ ما ذهبَ إليهِ أهلُ الكوفةِ، لما روى مسلمٌ في
" صحيحهِ " من حديثِ عمرَ بنِ الخطابِ، قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: ((إنَّ خيرَ التابعينَ رجلٌ يقالُ لهُ: أُويسٌ ... )) الحديث. فهذا الحديثُ قاطعٌ للنِزاعِ. وأمَّا تفضيلُ أحمدَ لابنِ المسيِّبِ وغيرِهِ فلعلَّهُ لمْ يبلغْهُ هذا الحديثُ، أوْ لَمْ يصحَّ عنهُ، أو أرادَ بالأفضليةِ: الأفضليةَ في العلمِ لا الخيريةِ، وقدْ تقدَّمَ في " معرفةِ الصحابةِ " أنَّ الخطابيَّ نقلَ عن بعضِ شيوخهِ أنَّهُ: كانَ يُفرِّقُ بينَ الأفضليةِ والخيريةِ، واللهُ أعلمُ.
823.... وفي نِسَاءِ التَّابِعِينَ الأَبْدَا ... حَفْصَةُ مَعْ عَمْرَةَ أُمِّ الدَّرْدَا
هذا بيانٌ لأفضلِ التابعياتِ، فقولي الأبدا أي أبداهُنَّ، بمعنى أولهنَّ في الفضلِ وقدْ روى أبو بكرِ بنُ أبي داودَ بإسنادِهِ إلى إيَّاسِ بنِ معاويةَ قالَ ما أدركتُ أحداً أُفَضِّلُهُ على حفصةَ، يعني بنتَ سيرينَ، فقيلَ لهُ الحسنُ وابنُ سيرينَ، فقالَ أما أنا فلا أفضِّلُ عليها أحداً وقالَ أبو بكرِ ابنُ أبي داودَ سيدتا التابعينَ من النساءِ