وممَّنْ ذهبَ إلى تقديمِ عليٍّ على عثمانَ أبو بكرٍ بنُ خزيمةَ، وقدْ جاءَ عنْ مالكٍ التوقفُ بينَ عثمانَ وعليٍّ، كما حكاهُ المازريُّ عن المدوَّنةِ أنَّ مالكاً سُئِلَ أيُّ الناسِ أفضلُ بعدَ نبيهم؟ فقالَ أبو بكرٍ، ثمَّ قالَ أَوَفي ذلكَ شكٌّ؟ قيلَ لهُ فعليٌّ وعثمانُ؟ قالَ ما أدركتُ أحداً ممَّن أقتدِي بهِ يفضلُ أحدَهما على صاحبِهِ، ونرَى الكفَّ عن ذلكَ، وفي روايةٍ في المدوَّنةِ حكاها القاضي عياضٌ أفضلهم أبو بكرٍ، ثمَّ عمرُ، وحكى القاضي عياضٌ قولاً أنَّ مالكاً رجعَ عن الوقفِ إلى القولِ الأولِ قالَ القرطبيُّ وهوَ الأصحُّ إنْ شاءَ اللهُ قالَ القاضي عياضٌ ويحتملُ أنْ يكونَ كفُّهُ وكفُّ من اقتدى بهِ لما كانَ شجرَ بينهم في ذلكَ منَ الاختلافِ والتعصبِ انتهى وقد مالَ إلى التوقفِ بينهما إمامُ الحرمينِ، فقالَ الغالبُ على الظنِّ أنَّ أبا بكرٍ أفضلُ، ثمَّ عمرَ وتتعارضُ الظنونُ في عثمانَ وعليٍّ انتهى
والذي استقرَّ عليهِ مذهبُ أهلِ السنَّةِ تقديمُ عثمانَ، لما روى البخاريُّ وأبو داودَ والترمذيُّ من حديثِ ابنِ عمرَ، قالَ كنا في زمنِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا نعدلُ بأبي بكرٍ أحداً، ثمَّ عمرَ، ثمَّ عثمانَ، ورواهُ الترمذيُّ بلفظِ كُنَّا نقولُ ورسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيٌّ أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ، قالَ هذا حديثٌ صحيحٌ غريبٌ ورواهُ