أحدُها وهو المعروفُ المشهورُ بينَ أهلِ الحديثِ أنَّهُ مَنْ رأى النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حالِ إسلامهِ هكذا أطلقهُ كثيرٌ من أهلِ الحديثِ ومرادُهُم بذلكَ مَعَ زوالِ المانعِ منَ الرؤيةِ، كالعمى، وإلاَّ فمَنْ صحبَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يرَهُ لعارضٍ بنظرهِ كابن أُمِّ مكتومٍ ونحوهِ معدودٌ في الصحابةِ بلا خلافٍ قالَ أحمدُ بنُ حنبلٍ مَنْ صحبَهُ سنةً، أو شهراً، أو يوماً، أو ساعةً، أو رآهُ؛ فهو من الصحابةِ وقالَ البخاريُّ في صحيحهِ مَنْ صَحِبَ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو رآهُ من المسلمينَ فهوَ من أصحابهِ وفي دخولِ الأعمى الذي جاءَ إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسلماً، ولم يصحبْهُ، ولم يجالسْهُ؛ في عبارةِ البخاريِّ نظَرٌ ولو قيلَ في النَّظْمِ لاقى النبيَّ كانَ أولى؛ ولكنْ تَبِعْتُ فيهِ عبارةَ ابنِ الصلاحِ فالعبارةُ السالمةُ مِنَ الاعتراضِ أنْ يقالَ الصحابيُّ مَنْ لقيَ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسلماً ثمَّ ماتَ على الإسلامِ؛ ليخرجَ مَنِ ارتدَّ وماتَ كافراً، كابنِ خَطَلٍ، وربيعةَ بنِ أميةَ، ومِقْيَسِ بنِ صُبَابَةَ، ونحوهم وفي دخولِ مَنْ لقيهُ مسلماً ثمَّ ارتدَّ ثمَّ أسلمَ بعدَ وفاةِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصحابة نظرٌ كبيرٌ، فإنَّ الرِّدَّةَ مُحبِطةٌ للعملِ عندَ أبي حنيفةَ، ونصَّ عليهِ الشافعيُّ في الأمِّ، وإنْ كانَ الرافعيُّ قدْ حكى عنهُ أنَّها إنَّما تُحْبَطُ بشرطِ اتصالها بالموتِ، وحينئذٍ فالظاهرُ أنَّها محبطةٌ للصُّحْبَةِ المتقدمةِ، كقُرَّةَ بنِ هُبَيْرةَ، وكالأشعثِ بنِ قيسٍ أما مَنْ رَجَعَ إلى الإسلامِ في حياتِهِ، كعبدِ اللهِ بنِ أبي سَرْحٍ، فلا مانعَ من دخولِهِ في الصُّحبةِ بدخولهِ الثاني في الإسلامِ، واللهُ أعلمُ