قالَ: هذا ناسخٌ. لم يثبتْ بهِ النسخُ. قالَوا: لجوازِ أنْ يقولَهُ عن اجتهادِهِ، بناءً على أنَّ قولَهُ ليسَ بحجَّةٍ. وما قالَهُ أهلُ الحديثِ أوضحَ وأشهرَ. والنسخُ لا يُصارُ إليهِ بالاجتهادِ والرأي، وإنَّمَا يُصارُ إليهِ عندَ معرفةِ التأريخِ. والصحابةُ أورعُ من أنْ يحكمَ أحدٌ منهم على حُكمٍ شرعيٍّ بنسخٍ من غيرِ أنْ يعرفَ تأخُّرَ الناسخِ عنهُ. وفي كلامِ الشافعيِّ موافقةٌ لأهلِ الحديثِ، فقدْ قالَ فيما رواهُ البيهقيُّ في المدخلِ ولا يُسْتَدَلُّ على الناسخِ والمنسوخِ إلاَّ بخبرٍ عنْ رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو بوقتٍ يَدُلُّ على أَنَّ أحدَهُما بعدَ الآخَرِ، أو بقولِ مَنْ سَمِعَ الحديثَ، أو العامَّةِ.

فقولُهُ: أو بقولِ مَنْ سمعَ الحديثَ، أرادَ بهِ قولَ الصحابةِ مطلقاً، فذكرَ الوجوهَ الأربعةَ التي يُعْرَفُ بها النسخُ، واللهُ أعلمُ.

والثالثُ كحديثِ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ، أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ أَفْطَرَ الحاجِمُ والْمَحْجُومُ رواهُ أبو داودَ والنسائيُّ، وابنُ ماجه فذكرَ الشافعيُّ - رضي الله عنه - أنَّهُ منسوخٌ بحديثِ ابنِ عباسٍ، أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احتجمَ وهو مُحْرِمٌ صائمٌ أخرجَهُ مسلمٌ فإنَّ ابنَ عبَّاسٍ إنَّمَا صَحِبَهُ مُحْرِماً في حجَّةِ الوداعِ سنةَ عشرٍ. وفي بعضِ طرقِ حديثِ شَدَّادٍ: أنَّ ذلكَ كانَ زَمَنَ الفتحِ، وذلكَ في سنةِ ثمانٍ، واللهُ أعلمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015