بنُ محمدٍ الْهَرَويُّ، صاحبُ أبي منصورٍ الأزْهَرِيِّ، وَذَيَّلَ عليهِ الحافظُ أبو موسى المدينيُّ ذيلاً حَسَناً. ثُمَّ جمعَ بينهُما مقتصراً على غريبِ الحديثِ فقط أبو السعاداتِ المباركُ بنُ محمدِ بنِ الأثيرِ الْجَزَرِيُّ، وزادَ عليهِما زياداتٍ كثيرةً، وذلكَ في كتابهِ " النهايةِ ". وبلغني أنَّ الإمامَ صفيَّ الدينِ محمودَ بنَ محمدِ بنِ حامدٍ الأُرْمويَّ، ذَيَّلَ عليهِ ذيلاً لم أَرَهُ، وبَلَغَني أنَّهُ كَتبَهُ حواشٍ على أصلِ النهايةِ فقطْ، وإنَّ الناسَ أفردوهُ. وقد كنتُ كتبتُ على نسخةٍ - كانتْ عندي من النهايةِ - حواشيَ كثيرةً، وأرجو أنْ أجمَعَهَا، وأُذيِّلَ عليهِ بذيلٍ كبيِرٍ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
وقولي: (فاعْنِ بهِ) أي بعلمِ الغريبِ، أي: اجعلَهُ من عنايتِكَ، واحفظْهُ، واشتغِلْ بهِ. فإنْ قيلَ: إنَّمَا تستعملُ هذه اللفظةُ مبينةً لما لم يُسَمَّ فاعلُه، يقالَ: عُنِيْتُ بالأمرِ عِنَايةً، كما جزمَ به صاحبا " الصحاحِ " و" المحكمِ "، وعلى هذا فلا يؤمرُ منهُ بصيغةٍ على صيغةِ افْعَلْ. قالَ الجوهريُّ وإذا أَمَرْتَ منهُ قلتَ: لِتُعْنَ بِحَاجَتي قلتُ فيهِ لغتانِ: عُنِيَ، وَعَنِيَ. وممَّنْ حكاهما صاحبُ الغريبينِ، والْمُطَرِّزيُّ: وفي الحديثِ: أنَّهُ قالَ لرجلٍ: لقدْ عَنِيَ اللهُ بِكَ. قالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ: أي: حَفِظَ دينَكَ. قالَ الهرويُّ: يُقالَ عُنِيْتُ بأمْرِكَ، فأنا مَعْنِيٌّ بكَ، وعَنِيْتُ بأمْرِكَ أيضاً، فأَنا عانٍ.
ولا ينبغي لمَنْ تَكَلَّمَ في غريبِ الحديثِ أنْ يخوضَ فيه رجماً بالظنِّ، فقدْ روينا عن أحمدَ بنِ حنبلٍ أَنَّهُ سُئِلَ عن حرفٍ منهُ، فقالَ: سَلُوا أصحابَ الغريبِ، فإنيِّ أكرَهُ أن