روينا عن أبي يعلى الخليليِّ، قالَ: ((قد يكونُ الإسنادُ يعلُو على غيرِهِ بتقدُّمِ مَوْتِ راويهِ، وإنْ كانا متساوِيَيْنِ في العدَدِ)) . وهذا كُلُّهُ بنسبةِ شيخٍ إلى شيخٍ. أمَّا علوُّ الإسنادِ بتقدُّمِ موتِ الشيخِ، لا معَ التفاتِ لأمْرٍ آخرَ، أو شيخٍ آخرَ، فمَتى يُوصفُ بالعلوِّ؟ روينا عَنْ ابنِ جَوْصَا، قالَ: إسنادُ خمسينَ سنةً من موتِ الشيخِ؛ إسنادُ عُلُوٍّ. وروينا عَنْ أبي عبدِ اللهِ بنِ مَنْدَه، قالَ: إذا مرَّ عَلَى الإسنادِ ثلاثونَ سنةً، فَهُوَ عالٍ. وقولي: (سنيناً) ، تمييزٌ. والتقييدُ بالخمسينَ أُرِيدَ: منْ موتِ الشيخِ، لا من وقْتِ السماعِ عليهِ، كما صرَّحَ به ابنُ جَوْصَا. وأَمَّا كلامُ ابنِ مَنْدَه، فيحتملُ أنَّهُ أرادَ من حينِ السماعِ، وهو بعيدٌ؛ لأنَّهُ يجوزُ أنْ يكونَ َشيخُهُ إلى الآن حيّاً، والظاهرُ أنَّهُ أرادَ إذا مضى على إسنادِ كتابٍ، أو حديثٍ، ثلاثونَ سنةً، وهوَ في تِلْكَ المدَّةِ لا يقعُ أعلى من ذلكَ، كسماعِ كتابِ البخاريِّ في سنةِ ستينَ وسبعمائةٍ مثلاً على أصحابِ أصحابِ ابنِ الزَّبيديِّ، فإنَّهُ مضتْ عليهِ ثلاثونَ سنةً مِنْ موتِ مَنْ كانَ آخرَ مَنْ يرويه عالياً، وهو الحجَّارُ.