وقالَ الخطيبُ: سورةً من القرآنِ. ثُمَّ رَوَى بإسنادِهِ إِلَى أبي نَضْرَةَ، قالَ: كانَ أصحابُ رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا اجتمعوا تذاكروا العلمَ وقرؤوا سورةً، فإذا فَرَغَ القارئُ استنصَتَ الْمُسْتَمْلِي أهلَ المجلِسِ، حيثُ احْتِيْجَ للاستنصاتِ. ففي الصحيحينِ من حديثِ جريرٍ أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ لهُ في حِجَّةِ الوداعِ: استَنْصِتِ الناسَ. فإذا أنْصَتَ الناسُ بَسْمَلَ الْمُسْتَمْلِي وحَمِدَ اللهَ تَعَالَى، وصَلَّى عَلَى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الشيخِ الْمُحَدِّثِ قائلاً لهُ: مَنْ ذكرتَ؟ أي: مِنَ الشيوخِ، أو ما ذكرتَ؟ أي: مِنَ الأحاديثِ رحمكَ اللهُ، أو غَفَرَ اللهُ لكَ وهو المرادُ بقولي: (وَابْتَهِلْ لَهُ) أي: ودَعَا لَهُ. وقد روينا عَنْ يحيى بنِ أكثمَ، قالَ: نِلْتُ القضاءَ وقضاءَ القضاةِ والوزارةَ، وكذا، وكذا، ما سُرِرْتُ بشيءٍ مثلَ قولِ الْمُسْتَمْلِي: مَنْ ذكرتَ رحمكَ اللهُ. قالَ الخطيبُ: وإذا انتهى الْمُسْتَمْلِي في الإسنادِ إلى ذكر النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استُحِبَّ لَهُ الصلاةُ عليهِ رافعاً صوتَهُ بذلكَ، وهكذا يفعلُ في كُلِّ حديثٍ عادَ فيه ذكرُ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قالَ: وإذا انتهى إلى ذِكْرِ بعضِ الصحابةِ، قالَ: رِضْوانُ اللهِ عليهمْ، أو رَضِيَ اللهُ عنهُ. انتهى. وكذلكَ الترضّي والتَّرَحُّمُ عن الأئِمَّةِ، فقد رَوَى الخطيبُ أنَّ الربيعَ بنَ سليمانَ قالَ القارئُ يوماً: حَدَّثَكُم الشَّافِعيُّ فلَمْ يَقُلْ: - رضي الله عنه -، فقالَ الربيعُ: ولا حرفَ حتى يُقالَ: - رضي الله عنه -.