والثالثُ: أنَّهُ يجوزُ في قولِهِ: مثلِهِ، ولا يجوز في قولِهِ: نحوهِ. وهو قولُ يحيى بنِ معينٍ. وعليهِ يدلُّ كلامُ الحاكمِ أبي عبدِ اللهِ حيثُ يقولُ: لا يَحِلُّ لهُ أنْ يقولَ: مِثلَهُ إلاَّ بعدَ أنْ يَعْلَم أنَّهُما على لفظٍ واحدٍ، ويحلُّ أنْ يقول: نحوَهُ، إذا كانَ على مثلِ معانيهِ. قالَ الخطيبُ: ((وهذا على مذهبِ مَنْ لم يُجِزِ الروايةَ على المعنى، وأمَّا على مذهبِ مَنْ أجازَها فلا فَرْقَ بينَ مثلِهِ ونحوِهِ)) . قالَ الخطيبُ: وكانَ غيرُ واحدٍ من أهلِ العلمِ، إذا روى مثلَ هذا يوردُ الإسنادَ، ويقولُ: مثلُ حديثٍ قبلَهُ، متنُهُ كذا وكذا، ثم يسوقُهُ. قالَ: وكذلكَ إذا كانَ المحدِّثُ قدْ قالَ نحوَهُ. قالَ: ((وهذا الذي أَختارُهُ)) .

673.... وَقَوْلُهُ: إِذْ بَعْضُ مَتْنٍ لِمْ يُسَقْ ... وَذَكَرَ الْحَدِيْثَ فَالْمَنْعُ أَحَقّْ

674.... وَقِيْلَ: إِنْ يَعْرِفْ كِلاَهُمَا الْخَبَرْ ... يُرْجَى الْجَوَازُ وَالْبَيَانُ الْمُعْتَبَرْ

675.... وَقالَ: إِنْ يُجِزْ فَبِالإِجَازَهْ ... لِمَا طَوَى وَاغْتَفَرُوْا إِفْرَازَهْ

أي: إذا أتى الشيخُ الراوي ببعضِ الحديثِ وحذفَ بقيتَهُ، وأشارَ إليهِ بقولهِ: وذكرَ الحديثَ، أو نحوَ ذلكَ، كقولِهِ: وذَكَرَهُ، وكقولِهِ: الحديثَ، ولم يكنْ تقدَّمَ كمالُ الحديثِ، كالصورةِ الأُولى، فليسَ لمَنْ سمعَ كذلكَ أنْ يتمِّمَ الحديثَ، بل يقتصرُ على ما سمعَ منهُ، إلاَّ معَ البيانِ، كما سيأتي. وهذا أَوْلى بالمنعِ من المسألةِ التي قبلَها؛ لأنَّ المسألةَ التي قبلَها قد ساقَ فيها جميعَ المتنِ قبلَ ذلكَ، بإسنادٍ آخرَ، وفي هذه الصورةِ لم يُسِقْ إلاَّ هذا القَدَرَ من الحديثِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015