كانَ منْ سماعِ هذا الرجلِ بخطِّ يَدِكَ ألزمناكَ بهِ، وما كانَ بخطِّهِ أعفيناكَ منهُ. قالَ ابنُ خَلاَّدٍ: فسألتُ أبا عبدَ اللهِ الزُّبيريَّ -وهو من أئمةِ أصحابِ الشافعيِّ- عنْ هذا، فقالَ: لا يجيءُ في هذا البابِ حُكْمٌ أحسنُ من هذا؛ لأنَّ خطَّ صاحبِ الكتابِ دالٌّ على رضاهُ باستماعِ صاحبهِ معهُ. قالَ ابنُ خَلاَّدٍ: ((وقالَ غيرُهُ: ليس بشيءٍ)) . وروى الخطيبُ: أنَّهُ تُحُوْكِمَ في ذلكَ إلى إسماعيلَ بنِ إسحاقَ القاضي - وهو إمامُ أصحابِ مالكٍ - فأطرقَ مليَّاً، ثُمَّ قالَ: للمدَّعَى عليهِ: إنْ كانَ سماعُهُ في كتابِكَ بخطِّ يَدِكَ فَيَلْزَمُكَ أنْ تُعيرَهُ، وإنْ كانَ بخطِّ غيرِكَ فأنتَ أَعلمُ. قالَ ابنُ الصلاحِ: ((ويرجعُ حاصلُ أقوالهِم إلى أنَّ سماعَ غيرِهِ إذا ثبتَ في كتابِهِ برضاهُ فيلزمُهُ إعارتُهُ إيَّاهُ. قالَ: وقدْ كانَ لا يَبِيْنُ لي وَجْهُهُ، ثُمَّ وَجَّهْتُهُ بأنَّ ذلكَ بمنْزلةِ شهادةٍ لهُ عندَهُ، فيلزَمُهُ أداؤُها بما حَوَتْهُ، وإنْ كانَ فيهِ بذلُ مالِهِ، كما يلزمُ متحمِّلَ الشَّهادةِ أداؤُها، وإنْ كانَ فيهِ