وقولي: (وَنَصْرٌ) هو مبتدأٌ، خبرُه: (وَالَى ثلاثاً) ، أي: بينَ ثلاثِ أجائزَ، ويجوز أَنْ يكونَ نصرٌ معطوفاً على الدارقطنيِّ، فإنَّ فِعْلَ نصرٍ له دالٌ على جوازهِ عندَهُ، وهوَ الفقيهُ: نصرُ بنُ إبراهيمَ المقدسيُّ، قالَ محمدُ بنُ طاهرٍ: سمعتُه ببيتِ المقدسِ يروي بالإجازة عنِ الإجازةِ، وربَّما تابعَ بين ثلاثٍ منها. وذكرَ أبو الفضلِ محمدُ بنُ ناصرٍ الحافظُ، أَنَّ أَبا الفتحِ ابنَ أبي الفوارسِ، حدَّثَ بجزءٍ من العلِلِ لأَحمدَ بإجازته من أبي عليًّ بنِ الصَّوَّافِ، بإجازتهِ من عبدِ الله بنِ أحمدَ، بإجازتهِ من أبيهِ. قلتُ: وقد رأَيتُ في كلامِ غيرِ واحدٍ مِنْ الأَئمة وأَهلِ الحديثِ، الزيادةَ على ثلاثِ أجائزَ، فرَوْوا بأربعِ أجائزَ متواليةٍ، وخمسٍ، وقدْ روى الحافظُ أبو محمدٍ عبدُ الكريمِ الحلبيُّ في " تاريخِ مصرَ " عن عبدِ الغنيِّ بنِ سعيدٍ الأزديِّ بخمسِ أجائزَ متواليةٍ في عدَّةِ مواضعَ. وينبغي لِمَنْ يروِي بالإِجازةِ عن الإجازَةِ، أَنْ يتأَمَّلَ كيفيةَ إجازةِ شيخِ شيخِهِ لشيخهِ، ومُقْتَضَاهَا حَتَّى لا يروي بها ما لم يندرجْ تحتها، فربما قَيَّدَهَا بعضُهم بما صحَّ عند المجازِ، أو بما سمعهُ المجيزُ فقط، أو بما حدَّثَ به من مَسْمُوْعَاتِهِ أو غيرِ ذلكَ. فإنْ كان أجازَهُ بلفظِ: أجزتُ له ما صحَّ عندَهُ من سماعاتي؛ فليسِ للمجازِ الثاني أَنْ يروي عن المجُازِ الأولِ إلاّ ما علمَ أَنَّهُ صحَّ عنده أنَّهُ مِن سماعِ شيخِهِ الأَعْلَى. ولا يَكتَفي بمجرَّدِ صحةِ الإجازة)) ، وكذلك إنْ قيَّدَها بسماعهِ، لم يتعدَّ إلى مجازاتهِ.
وقد غلطَ غيرُ واحدٍ من الأئمة، وعَثَرَ بسببِ هذا. فمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الإمامَ أبا عبدِ اللهِ محمدَ بنَ أحمدَ بنِ محمدٍ الأَنْدَرَشِيَّ، المعروفَ بابنِ اليَتِيْمِ، - أحَد مَنْ رحلَ وجالَ