الإسنادِ.
وأمَّا الإجازةُ للكافرِ فلم أجدْ فيها نَقْلاً، وقد تَقَدَّمَ أَنَّ سماعَهُ صحيحٌ ولم أَجدْ عن أَحدٍ من المتقدِّمِيْنَ والمتأخِّرِينَ الإجازةَ للكافرِ، إلاَّ أنَّ شخصاً من الأَطباءِ بدمشقَ ممن رأيتُهُ بدمشقَ ولم أسمعْ عليهِ، يُقالُ لهُ محمَّدُ بنُ عبدِ السيدِ بنِ الدَّيَّانِ، سَمِعَ الحديثَ في حالِ يهوديتِهِ على أبي عبدِ اللهِ محمَّدِ بنِ عبدِ المؤمنِ الصوريِّ، وكتبَ اسمهُ في طبقةِ السماعِ معَ السامعينَ وأَجازَ ابنُ عبدِ المؤمن لمنْ سمعَ وهوَ من جملتهِم. وكَاْنَ السماعُ والإجازةُ بحضورِ الحافظِ أبي الحجاجِ يوسف بنِ عبدِ الرحمنِ المِزِّيِّ، وبعضُ السماعِ بقراءتهِ وذلكَ في غيرِ ما جزءٍ منها: "جزءُ ابنِ عترةَ" فلولاَ أنَّ المِزِّيَّ يرى جوازَ ذلكَ ما أَقرَّ عليهِ. ثُمَّ هَدَى اللهُ ابنَ عبدِ السيدِ المذكورِ للإِسلامِ وحَدَّثَ وسَمِعَ منهُ أصحابُنا. ومن صُوَرِ الإجازةِ لغيِر أهلِ الأداءِ الإجازةُ للمَجْنُونِ، وهيَ صحيحةٌ وقد تقدَّمَ ذكرُها في كلامِ الخطيبِ. ومِنْ صُوَرِها الإجازةُ للفاسقِ والمبتدعِ، والظاهرُ جوازُها، وأولَى من الكافرِ، فإذا زالَ المانعُ من الأَداءِ صحَّ الأداءُ، كالسماعِ سواءٌ. وأمَّا الإجازةُ للحَمْلِ فلَمْ أَجدْ فيها أيضاً نَقْلاً غيرَ أنَّ الخطيبَ قالَ: لَمْ أَرَهُم أجازُوا لمنْ لَمْ يكنْ مولوداً في الحالِ، ولم يَتَعَرَّضْ؛ لكونهِ إذا وقعَ تصحُّ أو لا؟ ولا شكَّ أَنَّهُ أولى بالصِّحَّةِ مِنَ المعدومِ. والخطيبُ يرى صحتَها للمعدومِ - كما تقدَّمَ - وقدْ رأيتُ بعضَ شيوخِنَا المتأخِّرِينَ سُئِلَ الإجازةَ لِحَمْلٍ بعدَ ذِكْرِ أبويهِ قبلَهُ وجماعةٍ معهُم، فأجازَ فيها، وهوَ الحافظُ أبو سعيدٍ العلائيُّ.
ورأيتُ بعضَ أهلِ الحديثِ قدْ احترزَ عنِ الإجازةِ لهُ، بلْ عَمَّنْ