قالَ القاضي عياضٌ: ((فهذهِ عندَ بعضهِمِ التي لم يُخْتَلَفْ في جوازهِا، ولا خالفَ فيه أهلُ الظاهرِ، وإِنَّما الخلافُ بينهُم في غيرِ هذا الوجهِ)) . وقالَ القاضي أبو الوليدِ الباجيُّ: لا خلافَ في جوازِ الروايةِ بالإجازةِ من سلفِ هذهِ الأمةِ وخَلَفِهَا، وادَّعَى فيها الإجماعَ، ولم يُفَصِّلْ، وذَكَرَ الخلافَ في العملِ بها. فقولي: (قالَ) ، أي: الباجيُّ، وما حكاهُ الباجيُّ من الإجماعِ في مُطْلَقِ الإجازةِ غَلَطٌ، قالَ ابنُ الصلاحِ: هذا باطلٌ فقدْ خالَفَ في جوازِ الروايةِ بالإجازةِ جماعاتٌ من أهلِ الحديثِ والفقهاءِ والأصوليينَ وذلكَ إِحدَى الروايتينِ عن الشافعيِّ، وقطعَ بإبطالِها القاضي حُسَيْنٌ، والماورديُّ، وبهِ قَطَعَ في كتابهِ " الحاوي " وعزاهُ إلى مذهبِ الشافعيِّ، وقالا جميعاً كما قالَ شُعبةُ: لو جازتِ الإجازةُ لبطلتِ الرِّحْلَةُ. وَمِمَّنْ قالَ بإبطالِها إبراهيمُ الْحَرْبيُّوأبو الشيخِ عبدُ اللهِ بنُ محمّدٍ الأصبهانيُّ وأبو نصرٍ الوائليُّ السجزيُّ، وأبو طاهرٍ الدَّبَّاسُ من الحنفيةِ، وأبو بكرٍ محمَّدُ بنُ ثابتٍ الخُجَنْدِيُّ من الشافعيةِ، وحكاهُ الآمديُّ، عن أبي حنيفةَ، وأبي يوسُفَ. لكنَّ الذي استقرَّ عليه العملُ، وقالَ بهِ جماهيرُ أهلِ العلمِ من أَهْلِ الحديثِ وغيرِهم: القولُ بتجويزِ الإجازةِ وإِجازةِ الروايةِ بها، وحكاهُ