قالَ الخطيبُ: بلغني عَنْ خَلَف بنِ سالمٍ الْمُخَرِّميِّ، قالَ: سمعتُ ابنَ عُيينةَ يقولُ: (نا) عمرُو بنُ دينارٍ، يريدُ: حَدَّثَنَا، فإذا قيِلَ له: قُلْ: حَدَّثَنَا عمرٌو، قالَ: لا أَقولُ لأَنِّي لم أَسْمَعْ مِنْ قولِهِ -حَدَّثَنَا- ثلاثَةَ أحْرُفٍ؛ لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ، وهي ح د ث. وعن ابنِ عُيينةَ أَنهُ قالَ له أبو مُسْلِمٍ الْمُسْتَمْلي: إنَّ الناسَ كثيرٌ لا يسْمَعُونَ. قالَ: تسمعُ أَنْتَ؟ قالَ: نَعَمْ. قالَ: فَأَسْمِعْهُم. قالَ: وهذا هوَ الذي عليهِ العملُ،
أي: أنَّ مَنْ سَمِعَ الْمُسْتَمْلي دونَ سَماعِ لفظِ المُمْلي جازَ له أَنْ يَرْوِيَهُ عن المُمْلي كالعَرْضِ، سواءٌ؛ لأَنَّ الْمُسْتَمْلي في حُكْمِ مَنْ يقرأُ على الشيخِ ويعرِضُ حديثَهُ عليه ولكن يُشْتَرَط أَنْ يَسْمعَ الشيخُ المُمْلي لَفْظَ الْمُسْتَمْلي، كالقارئِ عليه. ومَعَ هذا فليسَ لِمَنْ لم يسمعْ لفظَ المُمْلي أَنْ يقول: سمعْتُ فلاناً يقولُ - كما تقدَّمَ في العَرْض - سواءٌ، ولكنَّ الأَحوطَ أن يُبَيِّنَ حالةَ الأَداءِ أنَّ سماعَهُ لذلكَ، أو لبعضِ الأَلفاظِ، من الْمُسْتَمْلي، كما فَعَلَهُ الإمامُ أبو بكرِ بنُ خُزيمةَ، وغيرُهُ من الأَئِمَّةِ.