المبحث الثامن
وفاته:
تتفق المصادر التي بين أيدينا على أنَّه في يوم الأربعاء الثامن من شعبان سنة (806هـ) فاظت روح الحافظ العراقي عقيب خروجه من الحمام عن عمر ناهز الإحدى وثمانين سنة، وكانت جنازته مشهودة، صلّى عليه الشيخ شهاب الدين الذهبي ودفن خارج القاهرة رحمه الله.
ولما تمتع به الحافظ العراقي في نفوس الناس، فقد توجع لفقده الجميع، ومن صور ذلك التوجع أن العديد من محبيه قد رثاه بغرر القصائد، ومنها قول ابن الجزري:
رحمة الله للعراقي تترى ... حافظ الأرض حبرها باتفاق
إنني مقسم أليَّة صدق ... لم يكن في البلاد مثل العراقي
ومنها قصيدة ابن حجر ومطلعها:
مصاب لم ينفس للخناق ... أصار الدمع جاراً للمآقي
ومن غرر شعر ابن حجر في رثاء شيخه العراقي قوله في رائيته التي رثا بها شيخه البلقيني:
نعم ويا طول حزني ما حييت على ... عبد الرحيم فخري غير مقتصر
لَهْفِيْ على حافظ العصر الذي اشتهرت ... أعلامه كاشتهار الشمس في الظهر
علم الحديث انقضى لَمَّا قضى ومضى ... والدهر يفجع بعد العين بالأثر
لَهْفِيْ على فَقْدِ شيخَيَّ اللذان هما ... أعزّ عنديَ من سمعي ومن بصري
لَهْفِيْ على من حديثي عن كمالهما ... يحيي الرميم ويلهي الحي عن سمر
اثنانِ لم يرتقِ النسران ما ارتقيا ... نسر السما إن يلح والأرض إن يطر