قولُ الراوي: قالَ لنا فلانٌ، أو قالَ لي، أو ذَكَرَ لنا، أو ذَكَرَ لِي، ونحوُ ذلك؛ هو من قبيلِ قولِهِ: حَدَّثَنَا فلاَنٌ في أَنَّهُ متصلٌ. لكنَّهُم كثيراً ما يستعملونَ هذا فيما سمعوهُ في حالةِ المذاكرةِ. قال ابنُ الصلاحِ: إنه لائقٌ بهِ وهو بهِ أشبهُ مِنْ حَدَّثَنَا. وخالف أبو عبدِ الله بنُ مَنْدَه في ذلك، فقالَ فيما رويناهُ في جزءٍ له: أَنَّ البخارِيَّ حيثُ قال: قالَ لي فلانٌ، فهو إجازةٌ، وحيثُ قال: قالَ فلانٌ، فهو تدليسٌ، ولم يقبلِ العلماءُ كلامَهُ هذا، وسيأتي كلامُ ابنِ حمْدَانَ بما يخالفُ هذا في كيفيةِ الروايةِ بالمناولةِ والإجازةِ، حيث ذكرَهُ ابنُ الصلاحِ. ولما ذكرَ أبو الحسنِ بنُ القطانِ تدليسَ الشيوخِ؛ قال: وأَما البخاريُّ فذلك عنه باطلٌ.

ودون هذهِ العبارةِ قولُ الراوي: قال فلانٌ وذكرَ فلانٌ منِ غيرِ ذِكْرِ الجارِ والمجرورِ، وهذا معنى قولي: (بلا مجارَرَه) ، وهو براءَيْنِ، وهذهِ أوضعُ العباراتِ، كما قالَ ابنُ الصلاحِ، ومع ذلك فهي محمولةٌ على السماعِ بالشرطِ المذكورِ في الْمُعَنْعَنِ، وهو إذا عُلِمَ اللُّقِيُّ، أي: وسَلِمَ الراوي من التدليسِ، كما اشترطَ هناكَ وإِنْ لم يذكرْ هنا تبعاً لابنِ الصلاحِ، لا سِيِّما مَنْ عُرِفَ من حالِهِ أَنَّهُ لا يَرْوي إِلا ما سمعَهُ. كحجَّاجِ بنِ محمدٍ الأعورِ، فروى كُتبَ ابنِ جُرَيْجٍ بلفظِ: قالَ ابنُ جريجٍ، فحملَها الناسُ عنه واحتَجُّوا بها، هذا هو المحفوظُ المعروفُ، وخصَّصَ الخطيبُ ذلك بمَنْ عُرِفَ من عادتهِ مثلُ ذلك، فأمَّا مَنْ لا يُعْرَفُ بذلك، فلا يحملِهُ على السماعِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015