وقولي: (قلتُ ... ) إلى آخر البيتينِ، هو من الزوائدِ على ابنِ الصلاحِ. وهما ردٌّ على السؤالِ الذي ذكرهُ، وذلك أنَّ إمامَ الحرمينِ، أبا المعَالي الجُوينيَّ، قالَ في كتابِ " البُرهانِ ": الحقُّ أنّهُ إنْ كان المزكّيِّ عالماً بأسبابِ الجرحِ والتعديلِ، اكتفينا بإطلاقِهِ. وإلاّ فلا. وهذا هو الذي اختارَهُ أبو حامدٍ الغزاليُّ، والإمامُ فخرُ الدينِ بنُ الخطيبِ، وقد تقدّم نقلُهُ في شرحِ الأبياتِ التي قبلَ هذهِ عن القاضي أبي بكرٍ، وأنّهُ نقلَهُ عن الجمهورِ. وممَّنْ اختارَهُ أيضاً من المحدّثينَ: الخطيبُ، فقالَ بعدَ أنْ فرّقَ بينَ الجرحِ والتعديلِ في بيانِ السببِ: على أنّا نقولُ أيضاً: إنْ كان الذي يرجعُ إليهِ في الجرحِ عدلاً مرضيّاً في اعتقادِهِ، وأفعالِهِ، عارفاً بصفةِ العدالةِ والجرحِ، وأسبابِهما، عالماً باختلافِ الفقهاءِ في أحكامِ ذلك؛ قُبِلَ قولُهُ فيمَنْ جرحَهُ مجملاً، ولا يُسألُ عَنْ سببهِ.
279.... وَقَدَّمُوا الجَرْحَ، وَقِيْلَ: إنْ ظَهَرْ ... مَنْ عَدَّلَ الأكْثَرَ فَهْوَ المُعْتَبَرْ
إذا تعارضَ الجرحُ والتعديلُ في راوٍ واحدٍ. فجرَّحَهُ بعضُهم، وَعدَّلَهُ بعضُهم، ففيهِ ثلاثةُ أقوالٍ:
أحدُها: أنَّ الجرحَ مقدَّمٌ مطلقاً، ولو كانَ المعدِّلُونَ أكثرَ. ونقلَهُ الخطيبُعن جمهورِ العلماءِ. وقال ابنُ الصلاحِ: إنَّهُ الصحيحُوكذا صحَّحَهُ الأصوليونَ، كالإمامِ فخرِ الدينِ