أنسُ بنُ مالكٍ، كيف كانت قراءةُ رسولِ اللهِ (؟ قال: كانت مدّاً. ثمَّ قرأَ: بِسْمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، يمدُّ بسمِ اللهِ. ويمدُّ الرحمنَ، ويمدُّ الرحيمَ. قال الدارقطنيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. وكلُّهم ثقاتٌ. وقال الحازميُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ لا يُعرفُ له علّةٌ. وفيه دلالةٌ على الجهرِ مطلقاً، وإنْ لم يُقَيَّدْ بحالةِ الصلاةِ. فيتناولُ الصلاةَ وغيرَ الصلاةِ. قال أبو شامةَ: وتقريرُ هذا أنْ يُقالَ: لو كانتْ قراءةُ رسولِ اللهِ (في أمرِ الجهرِ والإسرارِ تختلفُ في الصلاةِ وخارجِ الصلاةِ، لقال أنس لمَنْ سألَهُ عن أيِّ قراءتَيْهِ تسألُ؟ عن التي في الصلاةِ أم عن التي خارجَ الصلاةِ؟ فلما أجابَ مطلقاً عُلم أنَّ الحالَ لم يختلفْ في ذلكَ. وحيثُ أجابَ بالبسملةِ دونَ غيرِها من آياتِ القرآنِ، دلَّ على أنَّ النبيَّ (كان يجهرُ بالبسملةِ في قراءتهِ. ولولا ذلك لكان أنسٌ أجابَ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، أو غيرها من الآياتِ. قال: وهذا واضحٌ. قال: ولنا أنْ نقولَ: الظاهرُ أنَّ السؤالَ لم يكن إلاّ عن قراءتِهِ في الصلاةِ، فإنَّ الراوي قتادةُ، وهو راوي حديثِ أنسٍ ذاك. وقال فيه: نحنُ سألناهُ عنه. انتهى. فهذا ترجيحٌ لقراءةِ البسملةِ. وقد قالَ الحازميُّ: إنّهُ لا يُعرَفُ له علّةٌ. ولم يختلفْ على قتادةَ فيهِ. وأما حديثُ أنسٍ ذاكَ، فلهُ علّلٌ اختُلفَ على قتادةَ فيه. وأعلَّهُ الشافعيُّ بخطأِ الراوي في فَهْمِهِ، وأعلَّهُ ابنُ عبدِ البرِّ بالاضطرابِ. ومِنْ عِلَلِهِ أنهُ ليسَ متّصلاً بالسماعِ، فإنَّ قتادةَ كتبَ إلى الأوزاعيِّ به. والخلافُ في الكتابةِ معروفٌ، كما سيأتي.
وأما روايةُ مسلمٍ الثانيةُ فإنَّ مسلماً لم يسقْ لفظَها، وقد ساقَهُ ابنُ عبدِ البرِّ، كروايةِ الأكثرينَ، كانوا يفتتحونَ القراءةَ بـ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وليس فيها نفيُ