وهوَ المرادُ بقولي: (وقيل: لا منهم) أي: لا يقبلُ ممَّنْ رواهُ ناقصاً، ثمَّ رواهُ بتلكَ الزيادةِ، أو رواهُ بالزيادةِ، ثمَّ رواهُ ناقصاً. وذكرَ ابنُ الصبّاغِ في " العدّةِ " فيما إذا روى الواحدُ خبراً، ثمَّ رواهُ بعدَ ذلكَ بزيادةٍ، فإنْ ذكرَ أنَّهُ سمعَ كلَّ واحدٍ منَ الخبرينِ في مجلسينِ، قُبلَتِ الزيادةُ، وإنْ عزى ذلكَ إلى مجلسٍ واحدٍ وتكررتْ روايتُهُ بغيرِ زيادةٍ ثمَّ روى الزيادةَ. فإنْ قالَ: كنتُ أُنسيتُ هذهِ الزيادةَ قُبِلَ منهُ، وإنْ لَمْ يقلْ ذلكَ وجبَ التوقّفُ في الزيادةِ.
وفي المسألةِ قولٌ رابعٌ: أنَّهُ إنْ كانتِ الزيادةُ مغيرةً للإعرابِ، كانَ الخبرانِ متعارضينِ، وإنْ لَمْ تُغَيِّرِ الإعرابَ قُبِلتْ. حكاهُ ابنُ الصبّاغُ عنْ بَعضِ المتكلمينَ.
وفيها قولٌ خامسٌ: أنَّها لا تقبلُ إلاَّ إذا أفادتْ حكماً.
وفيها قولٌ سادسٌ: أنَّها تقبلُ في اللفظِ دونَ المعنى، حكاهما الخطيبُ.
وقولُهُ: (وقد قسَّمهُ الشيخُ) أي: ابنُ الصلاحِ، فقالَ: قدْ رأيتُ تقسيمَ ما ينفردُ بهِ الثقةُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
أحدُها: ما يقعُ مخالفاً منافياً لما رواهُ سائرُ الثقاتِ، فهذا حكمهُ الردُّ، كما سبقَ في نوعِ الشاذِّ.
الثاني: أنْ لا يكونَ فيهِ منافاةٌ ومخالفةٌ أصلاً لما رواهُ غيرُهُ، كالحديثِ الذي تفرّدَ بروايةِ جملتِهِ ثقةٌ، ولاَ تعرض فيهِ لما رواهُ الغيرُ بمخالفةِ أصلٍ.
فهذا مقبول، وقدِ ادَّعى الخطيبُ فيهِ اتفاقَ العلماءِ عليهِ، وسبقَ مثالهُ في نوعِ الشاذِّ.