عبد الدائم والنجيب بن العلاّق، وكان أوّل مَن طلب عليه الحافظ علاء الدين بن التركماني في القاهرة وبه تخرّج وانتفع، وأدرك بالقاهرة أبا الفتح الميدومي فأكثر عنه وهو من أعلى مشايخه إسناداً، ولم يلقَ من أصحاب النجيب غيره، ومن ناصر الدين محمد بن إسماعيل الأيوبي، ومن ثَمَّ شدَّ رحاله - على عادة أهل الحديث - إلى الشام قاصداً دمشق فدخلها سنة (754 هـ‍) ، ثُمَّ عادَ إليها بعد ذلك سنة (758 هـ‍) ، وثالثة في سنة (759 هـ‍) ، ولم تقتصر رحلته الأخيرة على دمشق بل رحل إلى غالب مدن بلاد الشام، ومنذ أول رحلة له سنة (754 هـ‍) لم تخلُ سنة بعدها من الرحلة إمّا في الحديث وإمّا في الحجّ، فسمع بمصر ابن عبد الهادي، ومحمد بن علي القطرواني، وبمكة أحمد بن قاسم الحرازي، والفقيه خليل إمام المالكية بها، وبالمدينة العفيف المطري، وببيت المقدس العلائي، وبالخليل خليل بن عيسى القيمري، وبدمشق ابن الخباز، وبصالحيتها ابن قيم الضيائية، والشهاب المرداوي، وبحلب سليمان بن إبراهيم بن المطوع، والجمال إبراهيم بن الشهاب محمود في آخرين بهذه البلاد وغيرها كالإسكندرية، وبعلبك، وحماة، وحمص، وصفد، وطرابلس، وغزّة، ونابلس ... تمام ستة وثلاثين مدينة.

وهكذا أصبح الحديث ديدنه وأقبل عليه بكليته، وتضلّع فيه رواية ودراية وصار المعول عليه في إيضاح مشكلاته وحلّ معضلاته، واستقامت له الرئاسة فيه، والتفرد بفنونه، حتّى إنّ كثيراً من أشياخه كانوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015