وقولُهُ: (مثالُه لو أخذوا إهابها) ، هذا مثالٌ لما وُجِدَ لهُ تابعٌ وشاهدٌ أيضاً. وهوَ مَا روى مسلمٌ والنسائيُّ من روايةِ سفيانَ بنِ عُيينةَ، عنْ عَمْرِو بنِ دينارٍ، عنْ عطاءٍ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، أنَّ رسولَ اللهَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَرَّ بِشَاةٍ مَطْرُوحَةٍ أُعْطِيَتْهَا مَوْلاَةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَلاَّ أَخَذُوا إِهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ)) ، فلمْ يذكرْ فيهِ أحدٌ منْ أصحابِ عمرِو بنِ دينارٍ: فدبغوهُ، إلاَّ ابنُ عيينةَ. وقدْ رواهُ إبراهيمُ بنُ نافعٍ المكيُّ عن عمرٍو، فلمْ يذكرِ الدِّباغَ. وقولُ ابنِ الصلاحِ: ورواهُ ابنُ جريجٍ عن عمرٍو، عنْ عطاءٍ، ولَمْ يذكرْ فيهِ الدِّباغَ، يوهمُ موافقةَ روايةِ ابنِ جريجٍ لروايةِ ابنِ عيينةَ في السندِ وليسَ كذلكَ، فإنَّ ابنَ جريجٍ زادَ في السندِ ميمونةَ فجعلهُ من مسندها. وفي روايةِ ابنِ عيينةَ أنَّهُ من مسندِ ابنِ عبّاسٍ، فلهذا مَثَّلْتُ: بإبراهيمَ بنِ نافعٍ، واللهُ أعلمُ. فَنَظَرنَا هلْ نجدُ أحداً تابعَ شيخَهُ عمرَو بنَ دينارٍ على ذكرِ الدباغِ فيهِ، عنْ عطاءٍ أمْ لاَ؟ فوجدنا أسامةَ بنَ زيدٍ الليثيَّ تابعَ عَمْرَاً عليهِ. ورواهُ الدارقطنيُّ والبيهقيُّ من طريقِ ابنِ وَهْبٍ، عنْ أسامةَ، عنْ عطاءِ بنِ أبي رباحٍ، عنِ ابنِ عبّاسٍ: أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ لأهلِ شاةٍ ماتتْ: ((ألا نزعتُمْ إِهَابَهَا فدبَغْتُمُوهُ، فانتَفَعْتُمْ بهِ)) .