وقد وجدتُ في كلامِ بعضِهم: أنَّ المدلّسَ إذا لم يُصَرِّحْ بالتحديثِ، لم يُقبلْ اتّفاقاً. وقد حكاهُ البيهقيُّ في " المدخلِ " عن الشافعيِّ، وسائرِ أهلِ العلمِ بالحديثِ. وحكايةُ الاتفاقِ هنا غلطٌ أو هو محمولٌ على اتفاقِ مَنْ لا يحتجُّ بالمرسلِ. أمّا الذين يحتجُّونَ بالمرسلِ فيحتجونَ بهِ كما اقتضاهُ كلامُ ابنِ الصلاحِ على أنَّ بعضَ مَنْ يحتجُّ بالمرسلِ لا يقبلُ عنعنةَ المدلسِ. فقد حكى الخطيبُ في " الكفايةِ ": أنَّ جُمهورَ مَنْ يحتجُّ بالمرسلِ يقبلُ خبرَ المدلِّسِ.

وقولُهُ: (وفي الصحيح ... ) إلى آخرهِ، أي: وفي الصَّحيحينِ وغيرِهما مِنَ الكتبِ الصحيحةِ عدّةُ رواةٍ من المدلّسينَ، كالأعمشِ، وهُشيمِ بنِ بَشِيرٍ، وغيرِهما.

وقولُهُ: (وفَتِّشْ) أي: وفتشْ، في الصحيحِ تجدْ جماعةً منهم، كقتادةَ والسفيانَيْنِ، وعبدِ الرزاقِ، والوليدِ بنِ مسلمٍ، وغيرِهِمْ. وقالَ النوويُّ: إنَّ ما في الصحيحينِ وغيرِهما من الكتبِ الصحيحةِ عن المدلسينَ بـ: عَنْ، محمولٌ عَلَى ثبوتِ سماعِهِ من جهةٍ أخرى. وَقَالَ الحافظُ أبو محمدٍ عبدُ الكريمِ الحلبيُّ في كتاب

" القِدْح المُعَلّى": قالَ أكثرُ العلماءِ: إنَّ الَّتِي في الصحيحينِ مُنَزَّلةٌ بمنزلةِ السماعِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015