أنْ يُدْرِكَهُ إدراكاً بَيِّنَاً. وهذا داخلٌ فيما تقدّمَ من الشروطِ، وبيانُ الإدراكِ لابدَّ منه. وذهبَ بعضُهم إلى أنَّ الإسنادَ المعنعنَ من قبيلِ المرسلِ والمنقطعِ، حتى يتبينَ اتصالُهُ بغيرهِ، وهذا المرادُ بقولِهِ: (وقيل كلُّ ما أتانا منه منقطع) ، إلى آخرهِ.
وقولُهُ: (وحكمُ أنَّ، حكمُ عَنْ، فالجلُّ سَوَّوا) أي: ذهبَ جمهورُ أهلِ العلمِ إلى التسويةِ بين الروايةِ المعنعنةِ، وبين الروايةِ بلفظِ: أنَّ فلاناً قالَ. وهو قولُ مالكٍ وممنْ حكاهُ عن الجمهورِ ابنُ عبد البرِّ في " التمهيدِ ". وأنَّهُ لا اعتبارَ بالحروفِ والألفاظِ، وإنّما هو باللقاءِ والمجالسةِ والسماعِ والمشاهدةِ يعني: مع السلامةِ من التدليسِ. ثم حكى ابنُ عبد البرِّ عن أبي بكرٍ البرديجيِّ أنَّ حرف (أنَّ) محمولٌ على الانقطاعِ حتى يتبينَ السماعُ في ذلك الخبرِ بعينِهِ من جهةٍ أخرى. قال: وعندِي لا معنى لهذا، لإجماعِهم على أنَّ الإسنادَ المتصلَ بالصحابيِّ، سواءٌ قال فيه: قال، أو أنَّ، أو عَنْ، أو سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يعني فكلُّهُ متصِلٌ.