فقالَ أبو عمرَ بنُ عبدِ البرِّ في " التمهيد ": هو ما رُفع إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاصّةً - قال -: وقد يكونُ متّصلاً مثلُ: مالكٍ، عن نافعِ، عن ابنِ عمرَ، عن رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد يكونُ منقطعاً، مثلُ: مالكٍ، عن الزهريِّ، عن ابنِ عبّاسٍ، عن رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال: فهذا مسندٌ؛ لأنَّهُ قَدْ أُسندَ إلى رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو منقطعٌ، لأنَّ الزهريَّ لم يَسْمَعْ من ابنِ عبّاسٍ. انتهى.
فعلى هذا يستوي المسندُ والمرفوعُ. وقالَ الخطيبُ: هو عندَ أهلِ الحديثِ: الذي اتّصلَ إسنادُهُ من راويهِ إلى منتهاهُ. قالَ ابنُ الصلاحِ: وأكثرُ ما يستعملُ ذلك فيما جاءَ عن رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دونَ ما جاءَ عن الصحابةِ وغيرهم. وكذا قال ابنُ الصَّبَّاغِ في"العُدَّة" المسندُ: ما اتصلَ إسنادُهُ. فعلى هذا يَدخُلُ فيه المرفوعُ والموقوفُ. ومقتضى كلامِ الخطيبِ أنَّهُ يدخلُ فيه ما اتصلَ إسنادهُ إلى قائِلِهِ مَنْ كان، فيدخلُ فيه المقطوعُ، وهو قولُ التابعيِّ، وكذا قولُ مَنْ بعدَ التابعينَ، وكلامُ أهلِ الحديثِ يأباهُ. وقولُهُ: أو، هي لتنويعِ الخلافِ، يدلُّ عليه قولُهُ بَعدُ: (والثالثُ) ، وهو أنَّ المسندَ لا يقعُ إلا على ما رُفِعَ إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإسنادٍ متصلٍ، وبه جزمَ الحاكمُ أبو عبدِ اللهِ النَّيْسابوريُّ في " علومِ الحديثِ "