عن محاسن امرأة أورث الله قلبه حلاوة إلى يوم يلقاه» (?) .

قال الإمام الغزالي: فعليك وفقك الله وإيانا بحفظ العين فإنها سبب كل فتنة وآفة، فقد ذكر عن عيسى صلوات الله عليه وسلم: «إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب الشهوة، وكفي لصاحبها فتنه»

ولقد أحسن من قال:

وأنت إذا أرسلت طرفك رائداً ... لقلبك يوماً أتعبتك النواظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر ... عليه ولا عن بعضة أنت صابر

فإن لم تغمض عينيك وأرخيت عنانه بنظرك إلى ما لا يعنيك، فلا يخلو إما أن تقع عينك على حرام، فإن تعمدت فذنب فكبيرة، وربما تعلق قلبك بذلك فتهلك إن لم يرحم الله - عز وجل -، وإن كان مباحاً فربما يشتغل قلبك به، فجاءك الوسواس والخواطر بسببة، ولعلك لا تصل إليه فتبقى مشغول القلب، منقطعاً عن الخير، وقد كنت مستريحاً من ذلك كله.

وإذا طهرت يديك بالماء فطهرها من أن تضرب بهما مسلماً، وأن تتناول بهما مالاً حراماً، وتكتب بهما مما لا يجوز النطق به، فإن القلم أحد اللسانين كما قدمنا ذلك، فاحفظه عما يجب حفظ اللسان منه.

وإذا رفعته رأسك بالماء فاعلم أنك إنما تفعل ذلك امتثالاً لأوامر الله تعالى، فإن العبادات كلها لها معان، فإن الشرع لا يأمر بعبث وقد يفهمه المكلف وقد لا يفهمه المكلف.

وإذا مسحت أذنيك بالماء فطهرها من الإصغاء إلى بدعه أو غيبة أو خوض في باطل، فإنهما لم يخلقا إلا لتسمع بهما كلام الله تعالى وسنه رسوله - صلى الله عليه وسلم - وحكمة أوليائه، فعليك بصيانة سمعك عن الخنا والفضول، فإن المستمع شريك المتكلم كما قال بعضهم:

تحرمن الطرق أواسطها ... وعد عن الجانب المشبته

وسمعك صن عن سماع القبيح ... كصون اللسان عن اللفظ به

فإنك عند سماع القبيح شريك لقائله فانتبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015