وأما موافقته عنصر النار فقد قال السبكي: إن ناراً كانت تخرج من كهف في جبل فتحرق ما أصابت، فخرجت في زمن عمر فأمر أبو موسى الأشعري أو تميماً الدري أن يدخلها الكهف، فجعل يحبسها بردائه، حتى أدخلها الكهف فلم تخرج بعد.
قال: ولعله أراد بذلك منع أذاها.
وورد في الموطأ عن مالك بن أنس أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل رجلاً عن اسمه فقال: جمرة، فقال عمر: ابن من؟ قال: ابن شهاب فقال: ممن؟ قال: من الحرقة، فقال: واين مسكنك؟ فقال: بحرة النار، فقال: بأيها؟ قال: بذات لظى، فقال: أدرك أهلك فقد احترقوا فكان الأمر كما قال عمر - رضي الله عنه - (?) .
فقد وافقه عنصر النار في هذه ايضاً.
وصفته - رضي الله عنه - أنه كان طوالاً جداً، جسيماً، كث اللحية، خفيف العارضين، أصلع شديد الصلع، أعسر يسر أي: قوة يديه على السواء، وكان يأخذ بيده اليمنى أذنه اليسرى، ثم يجمع أطرافه ويبث فكأنما خلق على ظهر فرسه، وكان يخضب بالحناء والكتم، وأنزل الله القرآن بموافقته في مواضع ستأتي في محلها، وشهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشهادة والجنة، وسماع سراج أهل الجنة، وأخبر أن الله جعل الحق على لسانه وقلبه، وأن رضاه عز، وغضبه عدل، وسماه عبقرياً أي: سيداً، ومحدثاً، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لقد كان فيمن كان قبلكم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر» (?) .