وأشرف الأنفس من لامت نفسها في طاعة الله، واحتملت لوم اللائمين في مرضاته، فلا تأخذها فيه لومة لائم، فهذه تخلصت من لوم الله لها (?) .
والنفس اللوامه بهذا الاعتبار محمودة ولهذا أقسم الله بها في قوله ?وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ? [القيامة: 2] .
وتسمى أمارة باعتبار أنها تأمر بكل شيء، فلا يلوح لها طمع إلا تعرضت له، ولا يبدو لها شهوة إلا اتبعتها، فهي مذمومة، فما تخلص أحد من شرها إلا من رحمه الله ووفقه وثبته.
قال تعالى في حقها حاكيا عن امرأة العزيز: ?وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ? [يوسف: 53] فما يسلم من شرها إلا من رحمه الله ووفقه وثبته وأعانه.
كما قال تعالى: ?وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً? [النور: 21] .
فنسأل الله العظيم أن يعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه خطبة الحاجة وهي: «الحمد لله نستعين به، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له» (?) .
قال الإمام حجة الإسلام الغزالي: أما النفس فحسبك ما تشاهد من حالاتها، ورداءة إرادتها، وسوء اختيارها، ففي حال الشهوة بهيمة، وفي حال الغضب سبع، وفي حال المصيبة تراها طفلاً، وفي حال النعمة تراها فرعوناً، وفي حال الجوع تراها مجنوناً، وفي حال الشبع تراها مختلاً، إن أشبعتها بطرت ومرحت، وإن جوعتها صاحت