قال الجنيد: الروح شيء استاثر الله بعلمه ولم يطلع عليه أحداً من خلقه، فلا يجوز لعباده البحث عنه بأكثر من أنه موجود.
وعلى هذه الطريقة ابن عباس وأكثر السلف (?) .
وها هنا سؤال على هذه الطريقة وهو: فإن قيل: ما الحكمة في عدم اطلاع عباده على حقيقة الروح؟
جوابه: الحكمة في ذلك إظهار عجز المرء، لأنه إذا لم يعلم بحقيقة نفسه مع القطع بوجوده كان عجزه عن إدراك حقيقة الحق سبحانه وتعالى من باب أولى قاله القرطبي.
وقال ابن بطال: الحكمة في ذلك تعريف الخلق عجبهم من علم ما لا يدركونه، حتى يضطرهم ذلك إلى رد العلم إليه.
والفرقة الثانية: تكلمت فيها وبحثت عن حقيقتها.
قال النووي: وأصح ما قيل في ذلك قول إمام الحرمين: إنها جسم لطيف مشتبك بالأجسام الكثيفة اشتباك الماء بالعود الأخضر.
وقال جمهور الأطباء: هو البخار اللطيف الساري في الأبدن.
وقيل: هي بعض الجسم.
وقال أبو الحسن الأشعري (?) : الروح النفس الداخل والخارج. قال ابن الملقن وهذا أشهر الأقوال.
وقيل: الروح الدم.
وقيل: جسم لطيف متصور على صورة الإنسان داخل الإنسان.
قال ابن الملقن: وذكر بعضهم فيها سبعين قولاً.
الفائدة الرابعة: اختلف العلماء هل علم النبي - صلى الله عليه وسلم - الروح وأمره الله أن لا يطلع عليها أحداً، أو ما علمها؟
فقيل: إنه قبض ولم يعلمها.
وقيل: أطلعه الله عليها ولم يأمره أن يطلع عليها أمته، وهذا نظير الخلاف في علم الساعة.
الفائدة الخامسة: وقع الاختلاف في الروح هل هي جسم أو عرض.