وسبب نزول هذه الآية: أن الكفار أنكروا الوحي فنزلت رداً عليهم.

وخص نوحاً بالذكر ولم يذكر آدم مع إنه أبو البشر، وأول الأنبياء، بل هو أول المسلمين، فإنه نبي مرسل وإن رسالته بمنزلة التربية والإرشاد للأولاد، لأن نوحاً أول نبي من أنبياء الشريعة، وأول نذير على الشرك، وأول من عُذب أمته لردهم دعوته، وأُهلك أهل الأرض بدعائه، وأول مشرع عند بعض العلماء، وأول نبي عوقب قومه، فخصصه بالذكر تهديداً لقوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإعلاماً لهم أنكم ستعاقبون إذا خالفتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قوله «نوح» ونوح لفظ أعجمي معرب، ومعناه بالسريانية: الساكن، وهو لقب لهذا النبي - صلى الله عليه وسلم -.

واسم «نوح» عبد الغفار، وقيل: يشكر.

واختلف العلماء في سبب تلقيبه «بنوح» فقيل: لقب بذلك لكثرة نوحه على نفسه في طاعة ربه كما أخرجه ابن أبي حاتم عن يزيد الرقاشي.

وقيل: لأنه مر بكلب فناح لذلك فقال: اخسأ يا قبيح، فأوحى الله إليه: أعبتني أم عبت الكلب، فناح لذلك ولقب بنوح.

وقيل: لأنه رأى كلباً ميتاً فكرهه، فأوحي الله إليه: هذا خلقنا فاخلق أنت مثله، فصار يبكي وينوح، قاله البوني.

وقيل: إنه رأى كلباً له أربعة أعين فاستقبحه فقال له الكلب: يا نوح أتعيب لصنعتي، فلو كان الأمر إلىّ لم أكن كلباً، وأما الصانع فهو الذي لم يلحقه عيب فصار يبكي وينوح قاله في العقائق.

ففي هذا إشارة إلى أنه لا ينبغي لأحد أن يستقبح شيئاً من مخلوقات الله تعالى فإن الله لم يخلق شيئاً من العالم سدىً.

حكى الكمال الدميري (?)

عن القزويني (?) أن رجلاً رأي خنفساء فقال: ماذا يريد الله تعالى من خلق هذه؟ أحسن شكلها أم أطيب ريحها؟ فابتلاه الله بقرحه عجز عنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015