آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [المائدة: 111] .
وبمعني التسخير نحو: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: 68] وهو اتخاذها من الجبل بيوتاً، ومن عبر عن ذلك بالإلهام أراد هدايتها لذلك، وإلا فالإلهام حقيقة إنما يكون للعاقل.
وبمعني الإشارة نحو: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَة وَعَشِياًّ} [مريم: 11] وقد يطلق الوحي بمعنى الموحى به كالقرآن والسنة، من إطلاق المصدر على المفعول قال تعالى {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4] ، وسنذكر أقسام الوحي في المجالس الآتية.
وإنما صدر البخاري - رضي الله عنه - كتابه بالوحي لأنه مادة الشريعة وقصده أن جميع أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وحي (?)
لقوله الله سبحانه إخباراً عن نبيه - صلى الله عليه وسلم - {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] .
وقوله «إلى رسول الله» المراد: نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وإنما قال: إلى رسول الله ولم يقل إلى الرسول لكراهة ذلك، فقد قال السخاوي (?)
في القول البديع: أسند البيهقي (?) من طريق الشافعي قال: يكره للرجل ان يقول قال الرسول، ولكن قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعظيماً له والله الموفق.
وصرح شيخنا السيوطي (?) في خصائصه بذلك أيضاً قال: وكره الشافعي أن يقول في حقه: الرسول بل رسول الله، لأنه ليس فيه من التعظيم ما في الإضافة.
فائدة: اختلف العلماء في الرسول والنبي هل هما بمعنى واحد؟
فقيل: هما بمعنى واحد فكل رسول نبي وكل نبي رسول.
والجمهور على أن الرسول أخص من النبي فكل نبي رسول ولا عكس، إذ النبي إنسان أوحى الله إليه بشرع ولم يؤمر تبليغه، فإن أمر تبليغه فرسول أيضاً.
وإنما قال: «إلي رسول الله» ولم يقل: إلى نبي الله، لأن الرسول المتصف بالرسالة، والنبي بالنبوة، والرسالة أفضل من النبوة، لأن الرسالة تثمر هداية الأمة، والنبوة قاصرة على النبي كالعلم والعبادة.
وذهب ابن عبد السلام (?) إلى أن النبوة أفضل من الرسالة، واحتج بأن النبوة: الوحي بمعرفة الله وصفاته، فهي متعلقة بالله من طرفها، والرسالة الأمر بالتبليغ فهي