مُّسْتَقِيماً? [الفتح: 2] .

وقد استشكل العلماء ذلك بأنه - صلى الله عليه وسلم - معصوم من الذنوب والكبائر قبل النبوة وبعدها عمداً وسهواً، وكذا سائر الأنبياء، فما ذنبه الذي غفر له؟

وللعلماء في هذه الآية أقوال بعضها مقبول وبعضها مردود:

والقول الأول: المراد ليغفر لك الله الذنب الذي كان قبل النبوة، فهذا مردود لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم قبل النبوة وبعدها.

الثاني: ليغفر لأبويك آدم وحواء، وهذا مردود أيضاً لأن آدم معصوم لا ينسب إليه ذنب، وذنوب أمته كلها لم تغفر بل منهم من يغفر له، ومنهم من لا يغفر له.

وأحسن ما يقال في الجواب: أنه تعالى قصد بهذه الآية تشريف النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير أن يكون هناك ذنب، فأخبره الله - عز وجل - أنه قد غفر له من ذنبه وما تأخر، وإن لم يكن ذنب، تشريف له - صلى الله عليه وسلم - وتعظيماً لمقامه الكريم، ولم يخبر أحداً من الأنبياء بمثل ذلك إظهاراً لشرفة عليهم.

وقد قال المحققون جواباً آخر: وهو أن المغفرة هنا كناية عن العصمة، فمعنى: ?لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ? ليعصمك الله فيما ما تقدم من عمرك وفيما تأخر منه، وهذا القول في غاية الحسن وإلي هذا الجواب أشار البرماوي بقوله: والصواب أن معنى الغفران للأنبياء الإحالة بين الأنبياء وبين الذنوب، فلا يصدر منهم ذنب لأن الغفر: هو الستر، فالستر إما بين العبد والذنب، وإما بين الذنب وعقوبته، فاللائق بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام القسم الأول، واللائق بالأمم القسم الثاني.

فائدة: يأتي نظير هذا الإشكال في الحديث الوارد في هذا الصحيح عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب في اليوم أكثر من سبعين مرة» (?) .

وفي الحديث الوارد في صحيح مسلم عن الأغر بن يسار المزني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015