طعاماً إذ مر عليهم قطيع غنم يتبعهم عبد أسود صغير السن فقال له: عبد الله بن عمر هلم للعيش فأصب معنا، قال: يا سيدي أنا صائم، فتعجب منه وقال له: في مثل هذا اليوم في هذا الحر العظيم خلف هذا الغنم في هذه الأودية والشعاب؟ قال: نعم يا سيدي اغتنم الأيام الفانية لأيام الباقية، فتعجب عبد الله من كلام هذا العبد وحسن نيته وأدبه فقال له: يا أسود بعنا من غنمك شاة نذبحها ونطعمك من لحمها ونعطيك ثمنها فقال: يا سيدي الغنم ليست لي وإنما هي لسيدي فقال ابن عمر: إذا سألك سيدك عنها فقل له: أكلها الذئب فقال: العبد إذا قلت له أكلها الذئب فأين الله، فبكى ابن عمر وجعفر يقول: قال الراعي فأين الله يعني إذا كذبت على مخلوق فكيف بي إذا كذبت على مخلوق، عرضت على الخالق فلما دخل ابن عمر المدينة سأل عنه فاشتراه وأعتقه.
ومن فضائله: نقل عن نافع أن ابن عمر كان مرضياً فاشتهى سمكه فالتمست له المدينة فلم توجد حتى وجدت بعد كذا وكذا فاشتريت بدرهم ونصف وشويت وحملت له على رغيف، فقام سائل على الباب فقال للغلام: لفها برغيفها وادفعها إليه فقال له الغلام: أصلحك الله اشتهيتها منذ كذا فلم نجدها وجدناها واشتريناها بدرهم ونصف، أمرت بدفعها نحن نعطيه ثمنها فقال: لفها وادفعها إليه فقال: الغلام للسائل بعد أن دفعها إليه هل لك أن تأخذ درهماً وتضع هذه السمكة، فأخذ منه درهماً وردها فعاد الغلام إلى عبد الله وقال له: دفعت درهماً وأخذتها منه ثم وضعها بين يديه وقال: إني دفعتها إليه فرأيته محتاجاً إلى ثمنها فاشتريتها منه بدرهم ورأيته أشتد سروراً بالدرهم منه بالسمكة فقال: فادفعها إليه ولا تأخذ منه الدرهم فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أيما أمريء اشتهى شهوة فرد شهوته وآثر على نفسه غفر الله له» (?) .