وجاء في الحديث: «المؤمن كالجمل الأنوف إن قيد انقاد، وإن أنيخ على جمرة استناخ» (?) ومعناه: أن المؤمن إذا دعي لخير أجاب بسهولة كالجمل المخروم في أنفه ولله در القائل في المعنى.
ومازال بي شوقي إليك يقودني ... يذلل مني كل ممتنع صعب
إذا كان قلبي سائراً بزمامه ... فكيف بجسمي بالمقام بلا قلب
وكما الجمل الأنوف إذا أُنيخ على جمرة استناخ، كذلك المؤمن مقيم على باب مولاه صابر على بلواه، تارك لشكواه، مقبل عليه بقلبه، ملازم لذكره وحبه، كلما ازداد المؤمن من بلواه ضراً، أكثر لمولاه طاعة وشكراً.
حكاية في المعنى: قال عبد الواحد بن زيد مررت في بعض الجبال بشيخ أعم أصم مقطوع اليدين والرجلين وهو يقول: إلهي وسيدي ومولاي متعتني بجوارحي حيث شئت، وأخذتها حيث شئت، وتركتني حسن الظن والأمل فيك، يا برياً يا وصول، فقلت في نفسي: أي بر من الله على هذا وأي وصل فقال: إليك عني أليس ترك لي قلباً يعرفه، ولساناً يذكره، فهو نعيم الدارين، فمن أكثر الشكوى، ولم يصبر على البلوى فليس عنده من الغرام سوى الدعوى، ولقد أحسن من من قال في المعنى:
خيانه أهل الحب أن يظهروا شكوى ... وأن يسأموا من صحبة الضر والبلوى
ومن لم يذق هجر الحبيب كوصله ... فما ذاق من طعم الغرام سوى الدعوى
ويقال: الإيمان كخاتم سليمان، العزم في جوده والذل عند فقده، الإيمان كعصى موسى تلقف عصى السحره وتطرد العصاة والبغاة والفجرة وكذلك الإيمان عنده الشبهات والتخيلات، وتغفر مع صحبته الخطايا والسيئات، الإيمان كالماء والطهور يطهر الوسخ والدرن، وكذلك الإيمان يغسل الذنوب ما ظهر وما بطن.