يطلب ما يحصل البركة.
قال العلماء: ولا يحكم بإيمانه بقوله هنا: إني أخاف أخلص إليه لتجشمت لقاؤه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، ولا بقوله فيما سيأتي، حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروجه - صلى الله عليه وسلم - وأنه نبي، ولا بقوله: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي، وإنما لم يحكم بإيمان بذلك لأنه ظهر منه ما ينافيه حيث قال: قلت: مقالتي آنفاً أختبر بها شدتكم على دينكم، فعلمنا أن ما صدر منه لم يصدر عن التصديق القلبي والاعتقاد الصحيح، بل لامتحان الرعية، بخلاف إيمان ورقة بن نوفل فإنه صحيح لأنه لم يظهر منه ما ينافيه.
وقال النووي: لا عذر له في قوله: لو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاؤه» لأنه قد عرف صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما شح بالملك ورغب بالسياسة، وآثرها على الإسلام كما ورد في هذا الصحيح، ولو أراد الله لوفقه كما وفق النجاشي ومازالت عنه الرئاسة.
وقال الخطابي: إذا تأملت معاني استقراؤه من أوصافه تبينت قوة إدراكه، فلله درة من رجل ما كان أعقله لو ساعد معقوله مقدوره.
وقال شيخ الإسلام ابن حجر: يقوي أن هرقل آثر ملكه على الإيمان واستمر على الضلال أنه حارب المسلمين في غزوة مؤتة سنة ثمان بعد هذه القصة بدون السنتين.
ويدل على عدم إيمانه أيضاً ما رواه ابن حبان في صحيحة أنه قارب الإجابة ولم يجب (?) .
وورد أيضاً في مسند أحمد أنه كتب من تبوك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني مسلم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كذب بل هو باق على نصرانيته» (?) .