صار ذكرهم مكتوباً باقي القرون، وأما من تصنع بالرياء، وعمل لأجل الدنيا، وغرته أمانيه، ويشتهي أن يمدح بما ليس فيه، فذلك من أهل الأذهان المعكوسة، والأفكار المولوسة، نشد بعضهم في الأربعة فقال:

فالشافعي له علوم نشرت ... بين الورى وله ثناء يعبق

ولمالك نشرت علوم مالها ... حد كبحر زاخر يتدفق

ولأحمد تعزى العلوم لأنه ... يروي في الحديث وصدقه يتحقق

وأبو حنيفة سابق فلأجل ذا ... وآثاره وعلومه لا تستبق

فهم الأئمة خصهم رب العلى ... بالفضل منه فثناؤهم لا يلحق

قوله: «عن هشام بن عروة عن أبيه» أما هشام فهو تابعي، ولد سنة إحدى وستين وتوفي ببغداد في ولاية المنصور سنة ست أربعين ومائة، وأما أبوه عروة فهو: أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام بن خويله بن أسد بن عبد العزى بن قصي الأسدي المدني التابعي الجليل، المجمع على إمامته، وتوثيقه ووفور علمه، وهو أحد فقهاء المدنية السبعة، وهم سعيد بن المسيب (?) ، وعروة بن الزبير (?) ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (?)

، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - (?) ، وسليمان بن يسار (?) ، وخارجه بن زيد بن ثابت (?) ، وأبو بكر بن عبد الحارث بن هشام (?) ، وقد جمعهم بعض الفضلاء فقال:

ألا إن من لا يقتدي بأئمة فقسمته ... ضيزي عن الحق خارجة

فخذهم عبيد الله عروة وقاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجة

فائدة: قال شيخ الإسلام كمال الدين الدميرى: من الفوائد المستغربه ما أخبرني به بعض أهل الخير أن أسماء الفقهاء السبعة الذين كانوا بالمدينة المشرفة إذا كتبت في رقعة وجعلت في القمح لا يسوس ما دامت الرقعة فيه.

قال: وأفاداني بعض أهل الخير والتحقيق أن أسماءهم إذا كتبت وعلقت على الرأس، وذكرت عليها أزالت الصداع العارض لها.

وأم عروة هي أسماء بنت أبي بكر الصديق، وجمع عروة الشرف من وجوه فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - صهره، وأبو بكر جده، والزبير والده، وأسماء أمه، وعائشة خالته.

وقيل: كان عروة بحراً لا يدركه الدلاء.

وقال ولده هشام: صام أبي الدهر وما مات إلا وهو صائم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015