حبط من القدر الذي يساويه وبقيت زيادته، وإن كان مغلوباً أسقط بسببه شيء من عقوبة القصد الفاسد، نعم لنا تشريك في العبادة وتحصيل المال من الغنيمة فهذا لا يضره ولا يحرم عليه بالإجماع، لأن الله تعالى جعل له في هذه العبادة، نعم لا يساوي ثوابه من لا يلتفت قلبه إلى الغنيمة أصلاً، بخلاف ما لو جاهد ليقول الناس: إنه شجاع، وليعظمه الإمام، فيكثر عطاؤه من بيت المال، فإنه يحرم حنيئذ ويكون رياء، أو نظير المجاهد من حج وشرك في حجة بأن قصد التجارة فإنه لا يقدح في صحة الحج، ولا يوجد إثماً ولا معصية، ولكن أكمل منه كذلك لو صام ليصح جسده، أو ليحصل له زوال مرض من الأمراض، فلا يكون قادحاً في صومه، وكذلك وجود الوضوء ليحصل له التبرد فلا يكون قادحاً وضوءه، لأن جميع هذه الأغراض لا يدخل فيها تعظيم الخلق بل هي تشريك أمور من المصالح، وما ليس للعظيم لا يقدح في العبادات وإن كان تشريك، نعم إن هذه المقاصد والأغراض الخالطة للعبادة قد
تنقص الأجر، وإن العبادة إذا تجردت عنها عظم الأجر والثواب.
ونختم المجلس بأخبار تطبيقية متعلقة بالإخلاص، وترك الرياء في العمل.
قال الفضيل (?) - رضي الله عنه -: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
وقال أبو سليمان الداراني - رضي الله عنه -: طوبي لمن صحت له خطوة واحدة، يريد بها وجه الله.
وقال ذو النون المصري (?) - رضي الله عنه -: من علامات الإخلاص استواء المدح والذم.
ونقل عن بعضهم أنه قال: قضيت صلاة ثلاثين سنة كنت أصليها في الصف الأول لأني تأخرت يوماً فصليت في الصف الثاني، فخجلت من الناس حيث رأوني في الصف الثاني على خلاف عادتي، فعرفت أن نظر الناس لي في الصف الأول كان يعجبني.
وذكر أن أعرابياً دخل المسجد وصلى صلاة خفيفة، فقام إليه علي بن أبي طالب بالدرة وقال: أعد الصلاة فأعادها، فقال: هذه خير أم الأولى؟ قال: الأولى لأني صليتها لله تعالى والثانية صليتها خوفاً من الدرة.
وذكر شرف الدين بن يونس (?) في مختصر الإحياء في باب الإخلاص: إن من أخلص لله تعالى في العمل ظهرت بركته عليه وعلى عقبه إلى يوم القيامة.