المبحث السادس وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق

كثيراً ما كان يستوقفني في قراءتي للنسخة الخطية الأزهرية - وهي التي اعتمدتها أصلاً - غموض كلام الإمام ابن دقيق العيد، حتى إني كنت أعيد قراءة الفقرة منه خمس مرات أحيانًا، حتى يتبين لي الصواب في فهم ما يريده رحمه الله. وكنت أرى أن سبب ذلك هو أسلوب الإمام ابن دقيق؛ ومن ذلك: كثرة الفواصل بين الكلام، وتباعد أطراف الجمل، ودقة ملحظه الدقيق فيما يريد، ونحن قوم قد أَلِفنا نمطًا من الكتابة غير الذي كان عليه السابقون، فما الظن بكلام إمام مجتهد.

وكنت كلما تقدمت في معرفة طريقته وأسلوبه، ازداد إعجابي بدقة استدلاله واستنباطه.

ثم تبين لي أيضا أن تفقير الكلام وتفصيله، وترقيم الجمل وضبطها، خليق أن يجعل كلامه بيِّناً واضحا لا لَبْسَ فيه، وأن يجنب مطالعه كثيراً من الزَّلل في فهم مراده رحمه الله.

ولا أنسى ذكر التصحيفات والتحريفات في النسخ الثلاث المعتمدات، والتي كان لها دور كبير فيما عانيته لإخراج هذا الكتاب بهذه الصورة القريبة من وضع المؤلف إن شاء الله.

ولا غرو في ذلك، فهذا كتاب أصولي استدلالي فقهي بالجملة، فلا يكاد يسلم الصواب كله لناسخه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015