بالرحمة، وهو أن يكونَ ذلك بلفظِ المُخَاطَبة، وهو قولُه: "يرحمُكَ اللهُ"؛ لحديث سالمِ بنِ عُبيد - رضي الله عنه - الَّذي أوردناه، [وقد نصّ عليه] (?).
وهؤلاء المتأخرون إذا خاطبوا من يعظِّمُونَه قالوا: يرحم الله سيِّدَنا، أو ما أشبهَ ذلك، من غيرِ خطاب، وهو خلافُ ما دلَّ عليه الأمرُ في الحديث، وبلغني عن بعضِ رؤساءِ أهلِ العلم في زماننا: أنه خُوطِبِّ بهذا الَّذي جرت عادتُهم به، فقال: قل: يرحمُك الله يا سيِّدنا، أو كما قال. وكأنه قصدَ الجمعَ بين لفظِ الخطاب وبين ما اعتادُوه من التعظيم.
الثانية والستون: إذا علمَ من رجل أنه يكرَه أن يُشَمَّتَ، ويرفع نفسه عن ذلك تكبُّرًا؛ كما يُقال: إنّ الملوكَ لا تشمَّت، فقد ذكر بعضُ الأكابرِ من الفقهاء والفضلاءِ فيما إذا علم من رجل [أنه] (?) يكره أن يشمّت، لَمْ يشمَّت، فقال (?): لا إجلالًا له، بل إجلالًا للتشميت عن أن يُؤهَّل له من يكرهه، قال الله - عَزَّ وَجَلَّ - فيما حكاه عن نوح النّبيّ - عليه السَلام - أنّه قال لقومه: {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود: 28]