المفاسدِ، ولما حُصّلَ من المصالحِ، لكان ذلك احتمالًا لمفسدة خالصَةٍ، ودفعًا لمصلحة خالصة، وذلك غيرُ جائز، فحيثُ منعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زجره، وتَرَكَهُ إلَى فراغ بوله، دلَّ علَى رجحان المفاسد المدفوعة علَى المفسدةِ الواقعة، وهو من هذه القاعدة.
الثامنة: هذه المفاسدُ التِي دُفِعَت واحتُمِلَ لأجلها مفسدةُ التنجيس، [يُحتمَلُ أنْ تكونَ مراعاةً لِحقّ المسجد في صونِهِ عن احتمال انتشار النَّجاسَةِ عندَ انصرافِهِ بالزجرِ عن ذلك المكان، ويَحتمِلُ ذلك أنْ يكونَ ذلك مراعاةً لحقِّ البائل لِما يلحقُهُ من الضررِ من قطع البول بعد تهيئتِهِ للبروز] (?)، ويحتمل أنْ يكونَ مراعاةً للتيسيرِ علَى الجاهل، والتأَلُّفِ للقلوب علَى الدينِ الحق.
وقد وقع الإيماءُ إلَى هذين الأمرين الأخيرين (?)، وأحدُهُما أقوَى من الآخرِ؛ لأنَّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُزْرِمُوهُ" (?) في بعض الروايات؛ أي: لا تقطعوا عليه بولَهُ (?)، قد يُفهَمُ مِنهُ الإشارةُ إلَى مراعاةِ حقّهِ،