ومنها: ما ذكر الدارقطني في "غرائِبِ حديثِ مالِك "، من رواية أنسٍ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضَّأ نَضَح عانَتَهُ (?).
ومنها: ما ذكره أحمدُ بن عُبَيْد بإسناده إلى عليٍّ قال: وضَّأتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فلما فَرَغَ نَضَحَ فرجَه، إلى غيرِ ذلك مما ذكرتُه في كتاب "الإِمَام (?) في معرفَةِ أحاديثِ الأحكام" (?).
الرابعة: هذا الحكمُ معلّلٌ بعلَّتَيْن:
إحداهما: ما تقدَّمتِ الإشارةُ إِليه؛ فيما حكيناه عن القاضي أبي بكر بنِ العربيِّ من إذْهابِ الوَسْوَاسِ، ومعناه: أنه إذا نَضَحَ الفرجَ، فوجد بلله، أحالَه على ما نَضَحَ به من الماءِ، فذهب الوسواسُ، ومثله قد تبيَّن في باب الاستبراءِ، وليس هو بالهيِّن عندي، وينبغي أن يكونَ محلُّه عندنا إذا تعارضتِ الاحتمالات على الاستواء، فحينئذ يُبنى على الأصل في الطَّهارة، وأما إذا كانت العادةُ في الشخصِ المعيَّنِ خروجَ الخارجِ، وعرفَ ذلك من نَفْسِهِ، فلا ينبغي أنْ يقالَ بهذا فيه؛ لأنَّ العملَ بالغلبة راجحٌ، والظنَّ المستفادَ منها أقوى من مقابِلِهِ.
والمعنى الثاني في تعليلِ هذا الحكم: أنَّ الماءَ الباردَ ينقبِضُ له العضوُ وينكمشُ، بخلاف الحارِّ، فإنَّه يُرخيه، فإذا نَضَحَ بعد الوضوء بالماء البارد، كان أقربَ إلى عدم خروجِ الخارج لتقبُّضِ العُضْوِ.